2010-03-19 | 18:00 مقالات

كم نسبتك يا بابا

مشاركة الخبر      

الاهتمام بالتحصيل العلمي وجمع الدرجات للتخرج من المرحلة الثانوية لم يعد مقتصراً على ما يحققه الطالب أو الطالبة في السنة الأخيرة، فمعدل السنة الثانية بات محسوباً، وهناك أخبار تقول بأن السنة الأولى أيضاً ستدخل في تحديد النسبة المئوية النهائية، والتي ستشكل مع نسبة اختبارات التحصيل والقدرات المعدل الذي سيضمن الحصول على مكان في الجامعة.
الكل يريد أن يرى أولاده في الجامعة.. لذا الكل بات يسأل عن المعدل.. كم نسبتك؟! أضحى هو السؤال الذي تسأله الجامعات لكل من يريدون الالتحاق بها والانتساب لها. النسبة المئوية باتت حديث الناس في البيوت ولقاءات العائلة والأصدقاء.. إنها التعبير عن التفوق في ظل منافسة مشتعلة لا يبقى فيها سوى أصحاب النفس الطويل في الجد والاجتهاد!
معذورة (أم صالح) وهي تلوم (صالحاً) على تحقيقه 92 % في اختبار الفصل الأول للصف الثاني الثانوي الطبيعي؟!.. من يلومها في زمن لا يعترف إلا بالمؤهلين والأقوياء؟!.. ها هي تبحث عن سر انخفاض نسبة الامتياز عند ابنها.. تسأله عن معدلات أصدقائه الذين يرافقهم.. (أم صالح) يا سادة تؤمن بتأثير الصديق وتردد على مسامع أبنائها: (قل لي من تصاحب أقل لك من أنت)!.. صدقت (أم صالح) فـ (الصاحب ساحب) كما يقولون، وهي تريد ابنها أن يصاحب أصحاب النسب العالية!
سألها صالح أن يذهب مع أحد أصدقائه لتناول العشاء، فطرحت عليه سؤالها الأثير: كم نسبة صديقك هذا؟!.. أجاب: 95 %، فأذنت له وأمرته بألا يطيل!
وجاء يطلبه آخر فردت عليه من (الإنتركوم) وراحت تسأله بلا مقدمات: كم نسبتك (يا بابا)؟! ليجيبها 85 %، لتعود إلى ابنها وتقول له بحزم: لا تذهب معه ولا تصاحبه.. وتضيف: مصاحبة هذه النوعية من أصحاب النسب المنخفضة سيبقيك عند الـ92%، وربما أخذت بك إلى مستويات أدنى.. ثم تختتم حديثها بـ(قل لي من تصاحب أقل لك من أنت)!
وعلى الطرف الآخر للنهر حيث التعليم العالي وطاقته ومخرجاته وسوق العمل واحتياجاته والزواج ومتطلباته أقول باختزال شديد: كل هذا الحرص والاهتمام بالمعدل أو النسبة المئوية في المرحلة الثانوية؛ والجامعات لا تقبل إلا عدداً قليلاً منهم، ولا تسأل عن فرصهم الوظيفية بعد التخرج بعد أن امتلأت البيوت بالجامعين.. أما خريجو المعاهد الإدارية والكليات التقنية فقد يجدون فرصتهم في القطاع الخاص ولكن برواتب هزيلة رغم ارتفاع المعيشة، فمن يلوم الشباب حين يحجم أكثرهم عن الزواج؟!.. ولا تسألني بعد عن المعاهد المهنية فهي منذ إنشائها بلا هوية، فلا السوق مهيأ لخريجيها ولا هم معدون له أصلاً!