2015-07-31 | 01:39 مقالات

بلاتر الثعلب وبلاتيني الذئب

مشاركة الخبر      

يُعرف عن الثعلب مراوغته للانقضاض على فريسته. ويُعرف عن الذئب الهجوم المباشر بمجرد أن يحدد هدفه، هكذا هي حال ثعلب كرة القدم العجوز السويسري جوزف بلاتر، وحال "المهاجم" الفرنسي ميشال بلاتيني الذي تعامل بشراسة "ناعمة" في المعركة الضارية لخلع رئيس (فيفا) ومنعه من إكمال ولايته الخامسة على الرغم من أنّه اكتسح مرشح بلاتيني في الانتخابات الأخيرة للفيفا الأمير الأردني علي بن الحسين.
أمضى بلاتر 40 عاماً في الاتحاد الدولي لكرة القدم، وكان على رأس الهرم في السنوات الـ 17 الأخيرة. وكان "الثعلب المراوغ" طيلة تلك السنوات، لكن مراوغته الأخيرة لم تكتمل، لسبب قاهر، وهو "الاعتداء الخارجي" من قبل القوة العظمى الولايات المتحدة، التي دبّرت المكيدة للثعلب السويسري، انتقاماً لفشلها أمام قطر في السباق على تنظيم مونديال 2022. وتصرّف الأمريكيون وكأنهم في مجلس الأمن يملكون حق النقض (الفيتو) فتدخلوا عن طريق القضاء متهمين سبعة من كبار المسؤولين في (فيفا) بالفساد والرشى وتبييض الأموال، وكان لتوقيت هذه القنبلة دلالة واضحة، إذ انفجرت قبل يومين من انتخابات (فيفا).
وهي وإن لم تؤثر مباشرة على نتائج الانتخابات، ولكن كان لها مفعول رجعي، إذ أعلن الرئيس الفائز أنه سيستقيل وذلك بعد أربعة أيام فقط من فوزه.
وفي الواقع، لم تكن تلك استقالة. بل حالة مراوغة أخيرة، إذ لم يلبث "الثعلب العجوز" أن أشاع أنه لم يستقل، بل ويفكر في البقاء إن لم يكن هناك مرشّح مقنع ليخلفه، وبدا بلاتر أنه يناضل من أجل الديموقراطية، وأنّه أبو الاصلاح، ففرض تشكيل لجنة خبراء لإعداد مسودة إصلاحات، وأعلن أنّ مهمته التأكد من أنّه حين يصل إلى نهاية مسيرته، أي حين يُنتخب خلَفه، "يمكننا القول إننا بدأنا إعادة ترميم سمعة (فيفا)".
كانت تلك نصف حيلة، فالرئيس الذي واجه تسونامي الفساد، بقي حياً ولم ُتطح به الموجات بعيداً، على حد تعبيره، ففرض استمراره في منصبه "الشرعي" سبعة أشهر أخرى، مُسكتاً الحملات المطالبة بالاستقالة فوراً.
وفي حين أثار بلاتر حفيظة معارضيه، خاصة الأوروبيين، لأنه ينأى بنفسه عن مسؤولية فساد في منظمة يرأسها، وجد عطفاً ومؤازرة، بل مكافأة من الرئيس الروسي بوتين الذي أعلن أنّ رئيس (فيفا) يستحق جائزة نوبل، وذلك على هامش سحب قرعة مونديال روسيا 2018.
والحق يُقال، إن المستفيد الأكبر من هذه التطورات الدراماتيكية هو رئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني الذي بات في وضع مرشّح فوق العادة، إذ سرعان ما أعلنت 4 اتحادات قارية تأييده وذلك قبل ترشيح نفسه رسمياً، وأشارت مصادر الاتحاد الأوروبي أن الحصول على تأييد خمسة اتحادات قارية ليس مشكلة لدى بلاتيني.
بلاتيني كان مستشاراً لبلاتر في 1998، ثمّ أصبح أول معارضيه، ومع أنه يُعتبر خصماً نداً لبلاتر كونه رئيساً للاتحاد الأوروبي منذ 2007، لكنه تجنّب مواجهته، فهزيمة سلفه السويدي يوهانسون أمام بلاتر في 1998 ما زالت ماثلة، والخشية من الهزيمة في 2015 جنّبته الترشّح، وها هو الآن في موقع الذئب الذي ينقض على فريسته في الوقت المناسب.