حَمَلة السيوف ورأس الرئيس
قد يكون فوز مهاجم الهلال ومنتخب المملكة ناصر الشمراني البسمة الوحيدة التي طبعت الكرة السعودية خلال السنوات الماضية، وبعد الغياب الطويل عن منصات التتويج في مختلف المحافل، حتى دورة الخليج التي أقيمت نسختها الأخيرة في الرياض، عجز "الأخضر" عن الفوز بها وسقط في المتر الأخير..
وتعيش الكرة السعودية في هذه الآونة أصعب المراحل وتواجه أصعب المشاكل، لأنها لم تجد الحلول بل إنها لا تعرف بيد مَن تلك الحلول، فمنذ الخروج المر من مونديال 2006، تحاول "الثورة المخنوقة" أن تجد سبيلاً لها من أي اتجاه، فحصل التغيير من فوق وطال أعلى الهرم، ولكن التقليد والروتين بقيا سيديّ الموقف إلى أن حصل ثقب في الحائط تدفقت عبره تباشير التغيير الجذري ليُعلن أنّ الكرة بلغت رشدها وأشّدها وباتت قادرة على تدبّر أمرها بنفسها بدون وصي شرعي، وحصلت الخطوة الأولى نحو الاستقلالية الذاتية بانتخاب أول اتحاد للكرة عن طريق الجمعية العمومية وأصبح هناك من يحاسب مجلس الإدارة من قبل " السلطة" التي أوجدته..
وفي مقابل استقلالية الاتحاد كانت ديموقراطية الكلمة والرأي داخل مجلس الإدارة والجمعية العمومية، وخارجهما أيضاً وخصوصاً الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح "الرأي الآخر" يوجه سهامه نحو الهدف مباشرة، إذ لم يعد هناك أي تحفظ في مهاجمة الاتحاد، ولم تعد هناك حاجة لاعتماد لعبة البلياردو: نضرب كرة المدرب لنصيب كرة الاتحاد.
وهكذا أصبح اتحاد الكرة والمدرب معاً في المرمى يتلقيان التسديدات بدون أي تمهل أو تحفظ، فحتى حين حقّق المنتخب بقيادة الإسباني لوبيز، التأهل لأمم آسيا بأفضل النتائج، ومن ثمّ التأهل لنهائي كأس الخليج وبأفضل النتائج أيضاً.. لم يسلم الاتحاد ولا المدرب من الانتقادات اللاذعة التي غالباً ما تفضي إلى المطالبة بالخلع..
وهكذ أيضاً خاض المنتخب السعودي كأس الخليج، وها هو المنتخب يعيش مرحلة أصعب على مشارف الاستحقاق الأكبر في أستراليا.. فالمطالبة برأس لوبيز تصاعدت على وقع الهزيمة في كأس الخليج، وكأن ذلك لم يعد وحده يشفي غليل "حَمَلة السيوف" فرأس الرئيس هي الهدف الآن على اعتبار أنّ رقبة لوبيز أصبحت واقعاً تحت المقصلة..
والحق يقال، إنّ المشهد العام في هذه العجالة، تحكمه بعض الضوابط، فالكل يعلم ويلمس أنّ الأمير عبدالله بن مساعد الرئيس العام لرعاية الشباب لن يقف مكتوف الأيدي، وهو بالفعل حرّك ساكناً، فمن مسؤوليته كرئيس للجنة الأولمبية، شكّل فريق عمل بهدف الوصول إلى حلول جذرية، وبغض النظر عن الأصوات المعارضة لتشكيل هذ الفريق واعتباره تدخلاً في شؤون اتحاد الكرة، فإنّ العقلاء، وعلى رأسهم الرئيس أحمد عيد ونائبه محمد النويصر وآخرون من أعضاء اتحاد الكرة، لن يضربوا بالتأكيد بقرار الرئيس العام عرض الحائط، ولاسيما أنّ الأمير عبدالله بدوره يفتش عن ثقب في الحائط..
ومما لا شك فيه أنّ مبادرة الرئيس العام لها أهداف أبعد بكثير من حل مشكلة مدرب، وهي أقرب من تحديد أطر تنظيمية تحمي "التجربة الديموقراطية" وهي تتلمس خطواتها الأولى.