لا مؤامرة لإطاحة عيد ولا مؤامرة لإسقاط الاتفاق
كأني، وأنا أتابع ما يتعرض له اتحاد كرة القدم ورابطة المحترفين في السعودية من هجومات قاسية وانتقادات لاذعة.. أستعيد دهاليز كرة القدم اللبنانية في العقدين الأخيرين، فاستوقفتني تصاريح نارية صدرت عن رجل لم ينجح في أن يصبح متطرفاً ولو أنه خرج أحياناً عن طبيعته الهادئة وشخصيته المسالمة، وكأني بخالد البلطان يحاول من جديد تجربة التطّرف الفاشلة وإلاّ لما وصل إلى هذا السقف:"أسوأ المواسم نتاج طبيعي لأسوأ وأضعف اتحاد".. و"نريد اتحاداً قوياً يستطيع الإرتقاء بالكرة بدلاً من هذا الاتحاد الضعيف"..
وبمجرد سماع تصريح رئيس نادي الاتفاق عبد العزيز الدوسري عن" تآمر" ناديي الشباب والاتحاد على الاتفاق، حضرت في ذاكرتي فضيحة التلاعب في نتائج المباريات بالدوري اللبناني والتي تفاعلت حتى أطاحت بإدارة اتحاد الكرة الذي بقي عقدين متحكماً بأمور اللعبة. ويبدو أنه ليس في لبنان وحده يوجد أرباب لتركيب المؤامرة وربط الأشياء ببعضها للوصول إلى الاستنتاج المطلوب، فمن أشار إلى أنّ العميد فهد المشيقح نائب رئيس نادي النصر كان مسؤولاً في الدفاع المدني، غامزاً من قناة تقرير الدفاع المدني الذي اعتمد عليه اتحاد الكرة ورابطة المحترفين في قرار نقل مباراة النصر والتعاون من بريدة إلى الرياض، في دلالة واضحة على تأثير نائب رئيس النصر.. هذا الذي أشار إلى ذلك يشكك في نزاهة مؤسسات عامة خدماتية ورياضية بدون الاستناد إلى وثائق وإثباتات، ولكن ما يقوله قد "يخرط في المخ" تماماً مثل "التحليل" الذي قدّمه رئيس الاتفاق مدعماً إتهامه ناديي الشباب والاتحاد، فكيف يلعب الفريقان مباراتيهما أمام فريقين آخرين مهددين بالهبوط مثلهما مثل الاتفاق، بالصف الثاني، فلو لعبا بصفوفهما الأساسية لما كان العروبة ونجران فازا على حساب الاتفاق، فالاتحاد فاز على بطل الدوري القطري بثلاثية وخسر أمام نجران بثنائية، والشباب أفضل فريق سعودي في بطولة آسيا الحالية والمتعادل مع بطل الدوري، خسر أمام العروبة بالثلاثة.
كلام صحيح ومنطقي ولكن ليس بالضرورة أن تكون هناك مؤامرة لإسقاط الاتفاق العريق، والأمر لا يعدو أكثر من تقاطع مصالح، فالعروية ونجران استفادا من عدم وجود أي حافز للشباب والاتحاد في خوضهما لمباراتين مصيريتين.. ولكن في مثل حالة وجود خطر على الآخرين وإمكانية الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص، كان يجب على هذين الفريقين التصرف بمسؤولية تجاه الآخرين وبالمبدأ الرياضي..
وأعتقد أن مطالبة رئيس الاتفاق بالتحقيق وإنزال العقوبة بـ "المتهمين" على غرار ما حصل قبل 3 مواسم بحق ناديي التعاون والوحدة، لن تكون له أسس وبيّنات، ومن هنا، ربما، قال الدوسري إنه يحوّل شكواه لله عز وجلّ.
نأتي إلى إثارة الكلام عن مؤامرة لإطاحة رئيس الاتحاد وعن كشف مستندات مالية مزورة لإسقاطه، فهذا أمر غريب، أمّا الأمر الطبيعي فهو أن تكون الجمعية العمومية رقيبة على أعمال الرئيس وإدارته وتوجيه لفت نظرهم ليقوموا بمهامهم على أكمل وجه، كما أنه يحق للجمعية العمومية حجب الثقة عن الاتحاد، خصوصواً أنها هي التي منحتهم هذه الثقة عن طريق الانتخاب، ويأتي في هذا السياق ما كشفته "الرياضية" عن توجيه الجمعية العمومية إنذارا لرئيس الاتحاد والأمين العام بعد أن سجلت عشر ملاحظات تدعو للقلق الشديد من المخالفات والخروقات المتكررة للنظام الأساسي للاتحاد..
هذه نقطة مضيئة في ممارسة العمل الديمقراطي داخل المؤسسات خاصة تلك التي تُشكّل مجالس إداراتها عن طريق الانتخابات، وهو ما يجب أن يواجهه اتحاد أحمد عيد بكل مسؤولية وجرأة ولا سيما أنه أول اتحاد منتخب في المملكة.