التأهل مهم والتأهيل أهم
في الوقت الذي يسعى منتخب الأردن للتأهل إلى كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه أمام المنتخب اللاتيني القوي الأوروجواي والبطل مرتين والمتأهل إلى نصف نهائي مونديال 2010 والذي يضم لاعبين عالميين من مستوى كافاني وسواريز رغم تضاؤل الأمل في مباراة الرد بعد خسارة الذهاب 5ـ0.. في هذا الوقت تسعى الدول الخليجية، وخصوصاً السعودية، والتي أقصيت جميعها من تصفيات المونديال، إلى التأهل لبطولة أمم آسيا في أستراليا 2015، والموضوع هنا ليس الفارق الهائل في الإمكانات المالية والبشرية بين هذه الدول وهذه الدولة القليلة الموارد والمتواضعة اقتصادياً، والتي بقيت وحيدة من آسيا لحمل الراية العربية في مونديال البرازيل، بل الموضوع هو لماذا هذا الغياب الجماعي لعرب آسيا عن أهم محفل عالمي في كرة القدم، ولماذا دأبنا منذ سنوات على الخروج من عنق الزجاجة من الملحق الآسيوي ومن ثمّ إلى الملحق العالمي في أحسن الأحوال لتتبخر الآمال في النهاية، وآخر الأمثلة على ذلك فشل البحرين في ملحقين للوصول إلى النهائيات. ولم يعد خافياً على أحد أنّ عدم احتراف اللاعبين العرب من آسيا في الخارج وأوروبا على وجه التحديد، هو سبب رئيسي وليس أدلّ على ذلك سوى أنّ دول شرق آسيا تقدّمت علينا درجات لأسباب عدة أهمها الاحتراف الحقيقي واحتراف لاعبيها في أوروبا، وكذلك هي حال أفريقيا التي ينتشر لاعبوها بشكل كثيف في الملاعب الأوروبية وحتى الدول العربية الأفريقية تحسّنت مستوياتها بفعل احتراف لاعبيها في أوروبا ولو بنسبة أقل.. وفي الحقيقة.. أنّ العقلية المتحكمة في رؤوس العرب الآسيويين، والمتمثلة بطلب الفوز سريعاً دون البناء على قاعدة علمية سواء الاهتمام بالأكاديميات والبراعم أو الاستقرار في الأجهزة الفنية، هي أسباب حقيقية لمراوحتنا أمكنتنا وإن تقدّمنا فببطء شديد. ولعلّ ما قاله الإسباني لوبيز مدرّب المنتخب السعودي في الأسبوع الأول من أكتوبر الماضي تعليقاً على النتائج المخيبة للمنتخب السعودي على أرضه في الدورة الرباعية الدولية والتي احتلّ فيها المركز الأخير ولم يسجّل خلالها سوى هدف واحد في مباراتين.. لعلّ ما قاله لوبيز أصاب عين الحقيقة علماً أن غيره كثير من المدربين العالميين الذين يفوقونه خبرة وشهرة وكفاءة سبقوه إلى ما قاله بأنّ السعوديين يحتاجون إلى عصا سحرية لصناعة منتخب قوي.. في شهر.. بينما بلاده إسبانيا قضت ستة أعوام لبناء وصناعة منتخب قوي فاز بكأس أوروبا وكأس العالم.. ومثله مثل الكثير ممن سبقوه في تدريب " الأخضر" طالب لوبيز الجميع بعدم الاستعجال، ولكن هذا يعتبر من سابع المستحيلات.. ونعطي الأمثلة من الآخر، هل تذكرون ما حصل للأرجنتيني كالديرون الذي رافقت عملية التوقيع معه تأكيدات بأنه جاء لإعادة بناء القاعدة بعد الهزائم المتلاحقة على صعيد آسيا والمونديال.. ومع أنه عمل في هذا الإتجاه، ومع أنه أخذ "الأمان" بأنّ المشاركة ببطولة غرب آسيا في الأردن هي في نطاق التحضير والاستعداد للبطولات الكبرى، فقد أقصي بعد النتائج السيئة للفريق.. وحتى الهولندي ريكارد "طار" ضحية استعجال النتائج التي لم تصل في كأس الخليج الأخيرة في البحرين.. وهذه المرة طال الإقصاء رأس الهرم الرياضي أيضاً.. ولكن النهج لم يتغيّر وربما يكون الأمل في اتحاد الكرة الذي جاء عن طريق الانتخابات لأول مرة والذي يجهد ليثبت استقلاليته وليعمل حسب قناعاته وكفاءة كوادره. المنتخب السعودي الآن قاب قوسين أو أدنى من التأهل إلى كأس أمم آسيا في أستراليا خاصة بعدما جمع العلامة الكاملة في مبارياته الثلاث الأولى، ولاسيما أنّ بين الفرق الثلاثة التي هزمها فريقين منافسين كبيرين (الصين والعراق)، ولكن الأهم من التأهل هو أن نؤهل كوادرنا وطاقاتنا البشرية والبناء على قاعدة صلبة لاستعادة الأمجاد على الصعيد الآسيوي أقله.