2014-01-07 | 08:15 مقالات

( وسائل التناحر الاجتماعي )

مشاركة الخبر      

المشهد الرياضي السعودي وتحديداً بعض الإعلاميين فيه مغرمون بالانتقاد الشخصي، خصوصاً الفارغين فيه، حيث يتفرغون للبحث بشكل حثيث عن السقطات والإخفاقات ليسلّوا سيوفهم التي تغيب في الملمات في أسلوب أشبه باستعراض عضلات الانتقاد، في محاولة رخيصة لاستجداء وصف الإعلامي الجريء، خصوصاً إذا كان الموضوع يخص كبار القوم في المنتخبات والأندية والأحداث الكبرى.

سأتوقف على ممارسات بعض من ظلوا حبيسي استراحاتهم الخاصة، ويكتبون بدون موضوعية في محاولة لتصدير أنفسهم على أنهم كُتاب وطن تزيد عندهم جينات الغيرة عن سواهم، والموضوع مبني في المقام الأول والأخير على مصلحة ناديه فقط، هذا الأمر بات يحدث بشكل متكرر أخيراً من فئة المتعصبين الجدد الذين يزعمون أنهم لوحدهم مٌخلصون، وهم كذلك لكن بدون ضم الميم بل بتشديد الألف.

أجزم ألا أحد يمنع النقد، وأعتقد أن سقف حرية التعبير بات حالياً مرتفعاً جداً بل أحياناً بلا سقف، والشواهد كثيرة، لكن البعض ممن يعانون تعطل بوصلة الفهم أضاعوا الوجهة الحقيقية لأهداف النقد السليم، وراحوا ينتقدون في كل مكان من دون البحث عن الأسباب الحقيقية والموضوعية، وغياب تام لممارسة تقصيّ الحقائق، والسعي لمصلحة عامة بل لمصلحة خاصة بحتة أقل مكاسبها المزيد من المتابعين المتعصبين في "تويتر" تحديداً.

المقولة الشهيرة "الشخص بن بيئته" هي مدخل ممتاز لمن يريد عكس صورة جيدة عنه وعن قدراته وخلفياته، والأهم من ذلك كله فكره ووعيه، مع الالتزام التام لأدبيات الحوار، وضرورة احترام الطرف الآخر فكراً وشخصاً، وهو ما يفتقده البعض حتى لا أظلم الجميع.

وسائل التواصل الاجتماعي نجحت بشكل أو بآخر في نشر فكر إقصائي شديد التغلغل وسط وسط رياضي المفترض أن يكون ترفيهياً قبل أن يتحوّل أخيراً إلى أكبر من ذلك وأخطر.

إذ لم يعد يجد البعض وبأسمائهم الصريحة أي حرج في اتهام أية شخصية كانت، وقذف أخرى، وسب ثالث من دون أن يكون هناك رادع ديني أو أخلاقي أو حتى تحت بند مروءة الرجال، في ظل غياب تفعيل نظام الجرائم الإلكترونية بشكل أكبرن لكنه استيقظ أخيراً وانتصر للفنانة الكويتية شمس الأسبوع الماضي بالحكم على إعلامي قذفها بالجلد 80 جلدة وسجنه 3 أشهر وتغريمه 10 آلاف ريال.

في الوسط الرياضي تحديداً كم لدينا من شخص يمارس هذه السلوكيات علناً؟ وفي المقابل يتعامل المتضرر مع هذه السلوكيات بتجاهل أو يتجاوز عنها وسط وساطات مختلفة أو بعبارة أخرى "حب خشوم"، وبالتالي المساهمة في نشر هذه الممارسات بالتزامن مع غياب فاعل للقانون.

"حينما يغيب النظام تظهر الفوضى" هذه العبارة التي رددها الزميل رجا الله السلمي تعليقاً على إحدى المناسبات الرياضية قبل 4 أعوام باتت عنواناً عريضاً لما يحدث في المشهد الرياضي سواء داخل الملعب أو خارجه، وفي كل ما يتعلق به وتحديداً في وسائل التواصل الاجتماعي التي نتعامل معها كأدوات تناحر وليس تواصل، وما نحتاجه هو الوعي الذي نمارسه وليس ما نتخذه شعاراً فقط، وربما أن هذا ما نجيده.