( الديون أعمت العيون )
جاء تدخل المقام السامي أخيراً والتكفل بجميع ديون الإتحاد السعودي لكرة القدم التي فاقت الثمانين مليون ريال ليزيح هماً كبيراً أثقل كاهل أول اتحاد كروي منتخب برئاسة الأخ أحمد عيد.
هذا الاتحاد الجديد تحمل أخطاء من سبقوه، وبدأ المهمة مكبلاً بديون لاذنب له فيها، وقدره أنه جاء من الركن البعيد الهاديء ليقول: "أنا لها".
ما حدث ربما أنه مرور الكرام على الجميع من دون التوقف أمام تفاصيل الديون التي تم الإعلان البارحة عن سدادها عبر نشر بيان تفصيلي كشف عن نوعية هذه الديون ومبالغها ومستحقيها.
هذه الديون شملت حقوق نقل تلفزيونية قبل موسمين، وإعانة الاحتراف قبل موسم، ومرتبات مدراء الاحتراف حينها، خلاف مخصصات مالية لمكاتب رعاية الشباب، وأخيراً ميزانية خاصة للمنتخبات بكافة درجاتها.
أتساءل وغيري كثير: ماذا عن المبالغ الأصلية التي تم رصدها قبل موسمين وتحديداً لحقوق النقل التلفزيوني للأندية والبالغة 40 مليون ريال، أين ذهبت في حينها؟
وماذا عن إعانة الاحتراف ومرتبات مدراء الاحتراف في الأندية وبعض مكافآت الأندية التي وصلت إلى 16 مليون ريال؟
أتساءل عن المبالغ المرصودة سلفاً، والتي كان يتم صرفها كالعادة خلال السنوات الماضية، لماذا غابت خلال العامين الماضيين، وتحولت فجأة إلى ديون؟
أعتقد أن هذا الأمر يحتاج التوقف طويلاً، والتفتيش في أدق تفاصيله أملاً في عدم تكرار حدوثه مجدداً، ومنعاً لوجود حالات تختفي فيها موازنات مرصودة أصلاً.
صحيح أن المقام السامي مشكور شمل الاتحاد السعودي الكروي بعطفه وكرمه وتكفل بسداد كافة ديونه لكن هذا الأمر لن يتكرر، ولن يتفرغ المقام السامي لعلاج أخطاء الاتحاد ومنسوبيه ولجانه في كل عام، وإلا لتفرغ لعلاج أخطاء الجهات الحكومية الأخرى، وباتت مهمته الرئيسية سداد ديون من يتخلف عن أداء عمله أو من لايجيده أو من لايعي كيفية إدارة إيراداته ومصاريفه مثلما هو مقرر له.
وربما أن ما حدث يدفعنا للتأكيد على أن حال الأندية الغارقة بالديون بعشرات الملايين بعضها نعرفه وآخر نجهله لم يعد أمراً غريباً في ظل أن اتحاد اللعبة يشكو من الخلل ذاته إن لم يكن بشكل أكبر على اعتبار أن بعض ديونه تخص أندية ومنذ عامين مضت، والفرق الوحيد أن مستحقي الديون في الأندية لديهم مرجعيات قادرون على التوجه إليها وتقديم الشكوى، في حين أن الأندية ليس لديها جهة تنتصر لها وتحفظ لها حقها أمام اتحاد اللعبة في تمثيل حقيقي لشطر البيت الشهير: "فيك الخصام وأنت الخصم والحكم".
إجمالاً هذه المرة انتهت القضية، وربما تم تسجيلها "ضد مجهول" لكنني أثق أن هذا الأمر لن يحدث مستقبلاً لأن استمرار الأخطاء بالطريقة ذاتها لايدفع الآخرين للتعاطف معك، ولا المسؤولين للوقوف بجانبك، وأعتقد أن ما حدث يفرض رقابة مالية شديدة حتى لايتكرر تسرب أكثر من 80 مليون ريال من دون أن يتم الإعلان حتى الآن عن أوجه صرفها.