أعيدوها سيرتها الأولى
قبل سنوات طويلة كان صيت بعض النجوم الكرويين يذاع في الأحياء وهو لا يزال في المدرسة قبل أن تتخطفه أيدي المدربين أو الكشافين في الأندية، ولعل صورة النجم التاريخي ماجد عبدالله وهو يحمل أول كأس في حياته في فناء مدرسته دليل على أن المدارس آنذاك تمارس دوراً حقيقياً في تنمية قدرات الطلاب أياً كانت رياضية وغيرها، لكن هذا النهج ضعف لسنوات قبل أن يتوقف فعلياً. أقدر تماماً الحراك الموجود من قبل وزارة التربية والتعليم حالياً لتطوير الرياضة المدرسية في ظل وجود معلومات حول تخصيص 8 مليار ريال من ميزانية العام الجاري لذلك. وأعتقد أن من المهم البداية من حيث انتهى الآخرون في هذا المضمار، خصوصاً أن هذا الرقم يفوق ميزانية الرئاسة العامة لرعاية الشباب بسبعة أضعاف تقريباً، ولعل الاستفادة من بعض تجارب الدول المتقدمة ومحاولة محاكاتها ربما يسهم في تسريع الاستفادة من هذا المبلغ الضخم لتكوين أكثر من 300 مدرسة موزعة على جميع مناطق المملكة تضم مراكز رياضية متكاملة بتكلفة تبلغ 25 مليون ريال لكل مركز، وإجمالي يصل إلى 7 مليار ونصف. أتذكر في كأس العالم في جنوب إفريقيا 2010 عُرضت صور أول تدريبات المنتخب البرازيلي بعد وصوله، وتناقلت وكالات الأنباء والقنوات التلفزيونية خبر احتضان مدرسة ثانوية في جوهانسبرج لتدريبات "السامبا". سأتوقف طويلاً أمام جزئية المدرسة الثانوية التي تستضيف مران المنتخب الأشهر عالمياً، وهو بالطبع ما نعجز عن محاكاته. استضفنا محلياً العديد من المناسبات الدولية المختلفة على كافة المستويات، ولم تتجاوز التدريبات ملاعب الرئاسة المعتمدة أو ملاعب الأندية، وظلت هذه المنشآت حكراً على التدريبات الرسمية أو الودية، ولم تتجاوزها إلى أبعد من ذلك إلا في مناسبات قليلة لا تكاد تذكر. أعتقد أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب كانت ولا زالت تشدد على أهمية الرياضة المدرسية من دون النظر إلى مقومات هذه الرياضة المفقودة منذ أعوام طويلة، وبالتالي انعكاسها سلباً على مخرجات التعليم رياضياً، متناسية أن هذه الرياضة هي التي قدمت نجوم الكرة السعودية الكبار. جميل أن تعود بطولات المدارس إلى الواجهة مجدداً بعد غياب، وهي البطولات التي كانت إحدى أهم مصادر دعم الأندية ومن ثم المنتخبات، على خلاف الوضع الحالي الذي أصبح فيه النادي هو الداعم للمنتخبات المدرسية. مشكلة المدارس الحكومية وكذلك أغلب نظيراتها الأهلية افتقادها لأبسط إمكانات ممارسة الرياضة وتحديداً كرة القدم، وعلى مدى أربعة عقود مضت استمرت أغلب المدارس الحكومية بملاعبها الإسمنتية أو الترابية التي لا تنفع لممارسة الرياضة، ويخشى على ممارسيها من الإصابات الخطرة حتى عزف الكثير من الطلاب عن كرة القدم، وفضلوا ممارستها في الاستراحات الخاصة أو الملاعب المستأجرة. أتمنى جاداً أن تكون هناك رؤية مشتركة من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التربية والتعليم بقيادة الأمير "الرياضي" فيصل بن عبدالله نحو التخطيط الإستراتيجي لإيجاد مدارس تتمتع بمرافق رياضية على طراز رفيع تسهم في تسهيل ممارسة الرياضة بكافة أنواعها وتحديداً ذات الإقبال المكثف سواء للطلاب أو أهالي أحياء تلك المدارس التي تصل بإمكاناتها لاستضافة منتخبات كبرى وفرق شهيرة أثناء إعدادها لمواجهة المنتخبات والفرق السعودية، كما أنها ستسهم في إيصال صورة جيدة عن مستوى المدارس السعودية وتعليمها وعن نوعية طلابها ومدرسيها إذا تمت الاستفادة المثلى من هذه الاستضافة، والإعداد لها بشكل مختلف يسمح بتعرف الضيوف على الكثير من العادات المحلية، وقيم مجتمعنا التي بالإمكان إيصالها بطرق مختلفة ومؤثرة حتى ولو كانت عن طريق استضافة تدريبات منتخب عالمي مثلاً في مدارس الرياض الأهلية التي لديها من الإمكانات ما تتفوق فيه على بعض الأندية الرسمية، وهي مجرد أمنية، والأماني ليس عليها رسوم.