"أخضر" فقد وزنه وإتزانه
قبل مواجهة المنتخب السعودي مع نظيره الصيني في افتتاح التصفيات الآسيوية كانت لغة الإحباط والتخوف من النتيجة هي السائدة حتى إطلاق صافرة بداية المواجهة. 90 دقيقة كانت كافية جداً ليتحوّل الإحباط إلى تفاؤل، والتخوف إلى ثقة، الفوز على الصين وحده من جعل الأغلبية تغيّر رؤيتها للمنتخب بشكل كبير. الفوز أتى أمام منتخب كبير ومنافس عنيد، والأهم من ذلك كله أنه في توقيت حرج جداً، وفي منافسة قارية هامة، لذا كانت الفرحة الكبيرة مبررة ومنطقية بعيداً عن محاولات البعض التقليل منها، أو وصفها بأنها استثمار لسوء أوضاع المنتخب الصيني. طوال فترة الإخفاقات التي عانت منها الكرة السعودية، وتحديداً خلال العقد الأخير كان التعاطي مع مواجهات "الأخضر" لا يخلو من تخوّف مبالغ فيه أو تفاؤل مفرط، لذا كانت الضغوطات كبيرة سواء في حال الفوز أو الخسارة، وهي اللغة التي آن الأوان لتغييرها جماهيرياً وإعلامياً وكذلك رسمياً. الفوز أمام المنتخب الصيني كان عبارة عن أول أسس بناء الثقة التي كان يعاني "الأخضر" من فقدانها طوال الفترة الماضية، والفوز الأخير لا يعني بأي حال من الأحوال استرداد العافية التي افتقدناها جميعاً على مستوى المنتخب، وإيماننا بمثل هذه الرؤية هو خطوة تصحيحية نحتاجها في ظل حساسية التوقيت، وتواضع النتائج. الاتزان هي أكثر المفردات التي نحتاج تطبيقها مستقبلاً، لدينا انطلاقة آسيوية جيدة، ومدرب يملك وقتا كافيا للتعديل والتصحيح، وقائمة من الأسماء الشابة والمتغانمة التي تحتاج للمزيد من الوقت للوصول إلى جاهزية كاملة، ولتحقيق الاستقرار الفني على عناصر محددة بدلاً من مسلسل التغييرات الذي لم تتوقف حلقاته. الجماهير والإعلام وجميع المتابعين علاقتهم مع الواجهة الأولى للرياضة السعودية "المنتخب الأول" مبنية على نتائج ومستويات، بعيداً عن من يقوده تدريبياً أو إدارياً أو من يحمل شارة القيادة داخل الميدان، وهي الأمور التي شغلت المشهد الرياضي المحلي في تسطيح أضر ولم ينفع بل أسهم في تعقيد الأمور، وتصدير الوسط الرياضي إلى نظرائه محلياً بشكل سيىء لم يكن معهوداً عنه طوال عقود مضت. إجمالاً جيد أن يكون لدينا حالياً مكتسبات فنية وإدارية وجماهيرية بعد مواجهة الصين، والأفضل أن المواجهة المقبلة أمام منتخب إندونيسيا بعد فترة كافية، وأعتقد أن كل ما نحتاجه مستقبلاً هو المزيد من الهدوء وترك الأجهزة الفنية والإدارية وقائمة اللاعبين المختارة تؤدي ما هو مطلوب منها كل حسب تخصصه وأدواره، بدلاً من ممارسة الوصاية عليهم، ومحاولة إملاء ما نراه من دون احترام لمسؤوليتهم وتخصصهم. أخيراً علينا أن نعي أن "الأخضر" منتخب الجميع، ونتعامل معه بوعي أكثر وبمسؤولية لا تقل عن ذلك، لأننا نحتاج لأيام فرح سمان بعد سنين عجاف، ونقول: "يا رب".