على (الهراء) مباشرة
بات من الجيد أن يتم تعديل مسمى دورة الخليج لكرة القدم إلى دورة الخليج الإعلامية خصوصاً أن هذه الدورة التي تقام في البحرين تشهد كثافة إعلامية تصنف على أنها الأكثر في تاريخ الدورة الأربعيني إلى الحد الذي تحوّل التنافس من الملاعب إلى وسائل الإعلام. تعود دورة الخليج في كل مناسبة لتقول للآخرين أننا نحن الخليجيين نفهم الإثارة بشكل خاطئ، وأن ثقافتنا الصوتية تكون ظاهرة للعيان وبشكل أكبر خصوصاً أنه تنافس الجيران الذي لا يخلو أحياناً من غياب لأخلاقيات الفرسان. اليوم بات عدد البرامج الرياضية اليومية في كافة القنوات الخليجية أثناء أيام الدورة يفوق عدد اللاعبين في المواجهة الواحدة، وهي برامج تكرر الطرح ذاته، والاختلاف فقط في نسبة الإثارة الرخيصة، ومفردات البذاءة، وفي نوعية الضيوف الذين يتاجرون بالشعارات الوطنية، والحرص على سمعة البلد، وممارستهم ومصطلحاتهم بعيدة كل البعد عن ذلك، بما في ذلك بعض القنوات الرسمية التي تقدم حلقاتها ثقافة (على الهراء مباشرة) من دون أدنى احترام لمشاهد، أو تعزيز للحمة وطنية، وباتت المسألة البحث عن مكاسب شخصية على حساب مصالح عليا. بعض الضيوف والزملاء الإعلاميين ممن بلغوا من الكبر عتيا لا يخجلون من الظهور بمظهر “المهرجين” تارة، وفي مناسبة أخرى يدخلون البرامج وكأنهم نسوا الشالات الخاصة بفرقهم، وتحوّلوا إلى مشجعين بل إلى رؤساء روابط مشجعين، ضاربين بعرض الحائط القيم الاجتماعية وأخلاقيات المهنة، المهم حجم رضا المدرج الذي ينتمي له، وكم الثناء الذي يتحصل عليه. والمؤلم أن بعضهم لا يتوّرع عن الظهور في أي برنامج، والحديث عن أية قضية، وفي أي وقت، بعيداً عن قدرته على الإضافة التي ينشدها المشاهد لأنه لا يحترم المشاهد بل لا يحترم نفسه، المهم “تطلع الصورة حلوة”. أعترف أن دور وزارة الثقافة والإعلام بات ضعيفاً في الحد من ظهور هذه الأسماء التي تصدّر الإسفاف، خصوصاً أن بعضهم في قنوات خليجية، وأن الرئاسة العامة لرعاية الشباب أخذت على عاتقها تأسيس اتحاد للإعلام الرياضي من دون أن تتولى المهمة بنجاح أو تتركها لغيرها، مع يقيني أن عهد الرقابة انتهى والمفترض ألا يعود، لكن في ظل غياب الحرية المسؤولة من المهم عقوبة من يستحق العقوبة في حال التجاوز حتى نؤسس لثقافة تحمل المسؤولية وليكن إعلامنا يمثل بشكل حقيقي المسؤولية الإجتماعية عملياً وليس شعارات لا تسمن ولا تغني من إثراء مشاهد وإحترام عقل. إجمالاً لعل الوقت الحالي وبرغم كل سلبياته ينجح في فرز الغثاء من السمين، ويُسقط أوراق التوت عن من يغطون سوءتهم الفكرية الضعيفة بلباس العلاقات الشخصية والمنافع المتبادلة لأن الرهان لا يزال موجودا على مشاهد واع يعرف من ينفعه، ومن يذهب جفاء، وللأسف هم غثاء كغثاء السيل.