النوم في العسل
في عالم كرة القدم لكي تبقى كبيراً عليك أن تمارس ممارسة الكبار، وهو بالتحديد ما أقدمت عليه الكرة الإيطالية أثناء منافسات مونديال ألمانيا 2006، إذ إن رائحة الفساد في الكرة الإيطالية أزكمت الأنوف حينها على الرغم من أن المنتخب القومي ينافس على كأس العالم، لذا ضحت إيطاليا بسمعة كبيريها يوفنتوس وميلان بعقوبة إنزال الأول إلى الدرجة الأدنى فيما تم خصم 15 نقطة على الثاني بحجة وجود تلاعب في نتائج بعض المواجهات. النتيجة هي الاحتفاظ باحترام الجميع، وبالتالي حقق “الأزوري” كأس العالم في النهائي الشهير أمام فرنسا. لدينا يوجد حديث منذ أسبوعين عن رشوة من أحد رؤساء الأندية المتواجدين حالياً لأحد لاعبي فريق آخر قبل موسمين، والنتيجة لم يتحرك أحد، وربما يعاقب اللاعب لأنه فتح أبواب “التابو”، أو لأنه الحلقة الأضعف. في تاريخ 25 من شهر 3 في العام الهجري المنصرم نشرت صحيفة “الوطن” خبراً يؤكد وصول شكوى من قبل أحد أعضاء شرف ناد في دوري زين إلى هيئة مكافحة الفساد، تجاه إدارة ناديه، جاء فيها المطالبة بالتحقيق في تفاصيل مالية رفضت إدارة النادي كشفها، كما جاء في الخبر أن الشكوى رفعت قبل عدة أشهر إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب لكن لم يتم النظر فيها، وهو ما دفعه إلى اللجوء إلى هيئة مكافحة الفساد. لن أذهب مع هذا العضو في شكواه، وأصادق عليها أو أعترض عليها، لكن ما يحدث ربما يجبرنا على فتح أكثر من ملف، والتفتيش في حقائق ملفات مغلقة، لم يكن الاقتراب منها متاحاً في السابق فضلاً عن أن يتم الحديث عنها علناً، بل ويتجاوزها إلى تقديم شكاوى إلى جهات لا علاقة لها بالرياضة، وتختص بمكافحة الفساد. أعتقد أن المرحلة حالياً تستوجب تعاملاً مختلفاً مع متغيرات المشهد الرياضي، إذ بات الوقت مناسباً لفتح الباب بشكل تام لقنوات الاتصال بين منسوبي الوسط الرياضي والرئاسة العامة لرعاية الشباب بالشكل الذي يضمن الأخذ بجدية في كل البيانات والأخبار التي تشير إلى وجود فساد في أروقة الأندية، والتعامل معها بشكل سري يضمن الحفاظ على المعلومات والتثبت منها، ومن ثم التحقيق مع ذوي العلاقة، قبل إعلان نتائج التحقيق، ومعاقبة كل المتورطين، أياً كانت مواقعهم وأسمائهم، لأننا جميعاً ننشد إصلاح رياضة وطن تستحق الأفضل دائماً. وربما أنها فرصة نحتاجها لنرى من يذكرنا أننا مجتمع بشري بينا نماذج مضيئة عدة، ويوجد نقيضها تماماً، لدينا الأمين وكذلك الخائن، بيننا المحب والكاره، معنا من يعطي بسخاء لخدمة رياضة بلده، وآخر مستنفع منها بأكثر من وجه، وبطرق مختلفة. كل ما نحتاجه الآن أن نستوعب هذا الواقع، أن نحاول قدر الإمكان تدارك ما يمكن تداركه، رياضتنا تعاني منذ سنوات، وربما أن جملة الأخطاء التي سكتنا عنها، ومارسنا إخفاءها، وحرصنا على عدم نشر غسيلها، أوصلنا إلى هذه المرحلة. إجمالاً على الجهات ذات العلاقة أن تنظر في قضية الرشوة، فربما أن إعلان تفاصيلها أو البدء في التحقيق فيها سيكون مجرد بداية لحالات مشابهة هذا إن كنا نريد إصلاحاً، أما إذا كنا غير ذلك فلنواصل “النوم في العسل”.