تركيا الملهمة
قبل موسمين توج فريق بورصة بطلاً للدوري التركي لأول مرة في تاريخه، وانضم بذلك إلى قائمة الأبطال التي لم تتجاوز الأربعة الكبار في تركيا على مدى عقود طويلة، وهم فناربخشة وغلطة سراي وبشكتاش وطرابزون ـ وربما يكون هو ملهم فريق الفتح لدينا محلياً ـ ما يميز هذا الفريق التركي حينها أنه تمسك بنجومه الشباب، وأصر على الاستمرار بهم، وعدم التخلي عنهم مقابل عروض مالية كبيرة، توّجها في النهاية بالحصول على لقب الدوري التركي، وللمعلومية حصل على 13 مليون يورو مقابل الفوز باللقب، إضافة إلى 14 مليون يورو بسبب مشاركته في بطولة دوري أبطال أوروبا، وهذه أكبر جائزة يحصل عليها فريق في دول المنطقة، إذ حدد الاتحاد التركي لكرة القدم مبلغ 13 مليون يورو جائزة للفائز بالدوري هناك، فيما يمنح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم مبلغ 14 مليون يورو لكل فريق يتأهل مباشرة للمشاركة في هذه البطولة. ربما تكون هذه المعلومة مهمة جداً لكي تتم مقارنتها بما يحصل عليه بطل دوري زين السعودي للمحترفين، إذ لم تتجاوز قيمة بطولة الدوري حتى الآن مبلغ المليون دولارـ ولن أقول اليورو ـ، كما أن المبالغ المدفوعة من قبل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم لكل فريق يشارك في دوري أبطال آسيا لا تصل بأي حال من الأحوال إلى حاجز النصف مليون دولار، لذلك ربما أن الوقت بات مناسباً لإعادة النظر في قيمة الجائزة خصوصاً في أقوى دوري عربي الذي يتميز بوجود راع رئيسي وشركات عالمية كرعاة شركاء. يحسب لهيئة دوري المحترفين السعودي أنها في حراك مستمر منذ نشأتها لتوفير رعاة للدوري الأقوى عربياً لكنها في المقابل لم تصل بأرقامها الحالية إلى مرحلة تشعر الفرق الموجودة بالرضا، بما في ذلك عقد الرعاية الجديد المقدر بـ120 مليون ريال في العام الواحد، سيذهب منها ربعه لشركة "صلة" أجور تشغيل كما تم وصفه أخيراً، فيما بقية النسب معروفة المهم أن نصيب الأندية سيكون 52% فقط من قيمة الرعاية. عقد رعاية (زين) الذي بدأ قبل 3 مواسم، قبل أن يبيع الفترة المتبقية منه للراعي الجديد وصل إلى حاجز 300 مليون بواقع 60 مليون لكل موسم، ذهب منه ما نسبته 40% إلى شركة صلة، والنسبة الباقية إلى هيئة دوري المحترفين، من دون أن تكون استفادة الفرق المشتركة في الدوري كبيرة من هذه النسبة، لذا الوضع يدعو للتفاؤل مستقبلاً في حال العمل على تعدد الشراكات، ومنح الأندية المتوسطة والصغيرة اهتماماً مضاعفاً لضمان مداخيل أكثر. كما أفترض أن الوقت بات مناسباً لكي توقف الرئاسة العامة رعاية الشباب كافة دعمها عن الأندية مقابل عدم اقتطاع أي جزء من مداخيل الأندية الحالية سواء في النقل التلفزيوني أو عقود الرعاية الخاصة أو حتى قيمة تذاكر الجماهير، كما أن عليها التفريق أيضاً بين الأندية الكبيرة والأقل منها، إذ ليس من المعقول مساواة النصر بهجر، والهلال بالوحدة، والاتحاد بنجران، والأهلي بالقادسية، إذ إن هناك فروقات جماهيرية وتاريخية، وحتى في قائمة النجوم المتوفرة في كل فريق، ومن العدل أن تتم مراعاة هذه الفوارق، وتقدير كل فريق بحجمه الطبيعي، أسوة بالأندية العالمية، ولعل تجربة زيارة فريق الخصخصة وزيادة موارد الأندية إلى تركيا قبل فترة قريبة منحتهم تصوراً مهماً في هذا الجانب، لأن بعض الأندية لدينا تعيش بين مطرقة التسول والتوسل ومن حقها أن تعيش بكرامة.