منتخب نقل جماعي
ما زلت أؤكد أن الحديث المستمر حول وجود خصوصية كروية لنا هو ما أبقانا حيث نقف، وربما سيعيدنا خطوات إلى الوراء، وأوصلنا إلى المرتبة 113 في تصنيف منتخبات العالم، وهو الأسوأ منذ بداية كرة القدم لدينا، مصادقاً على عدم صحة هذا الادعاء، إذ إن كرة القدم أصبحت صناعة على مستوى العالم، ونحن ليس بمنأى عن ذلك، رغم أنني أفترض أن من أبرز مشاكلنا هو وجود هواة يديرون ـ مجازاً ـ ما يسمى بدوري محترفين، هذا على مستوى كرة القدم فقط كمثال. أتساءل مثل غيري: لماذا المنتخب السعودي الأول يضم أكبر عدد موجود من اللاعبين الدوليين؟ ربما يفسر البعض هذه الحقيقة على أنها إيجابية تنفرد بها الكرة السعودية على نظيراتها، لكن الحقيقي أنها من مساوئها التي أضرت بالكثير من الأسماء الشابة التي تواجدت في معسكرات الأخضر المتعاقبة لكنها سرعان ما تعود أدراجها تشعر بالانكسار النفسي لعدم القدرة على الاستمرار في صفوف المنتخب حتى النهاية، وقائمة الأسماء التي تعزز وجود مثل هذه الحقيقة معروفة لدى المتابعين، ولا يتسع المجال لذكرها حتى بات المنتخب شبيهاً بحافلة النقل الجماعي الذي يحمل في طريقه كل من يود الوصول إلى هدفه، وأحياناً يوصله فقط إلى منتصف الطريق ويتركه. أفترض أن قائمة المنتخب السعودي تتميز بالاستقرار على أن تكون آلية الضم والإبعاد للاعبين ذات منهجية واضحة بعيدة عن بروز أي لاعب لعدد قليل من المواجهات، إذ إن تأثير أي لاعب على تحديد نتيجة مواجهة حاسمة لا يعني بالضرورة وصوله إلى المرحلة التي تؤهله إلى الانضمام للمنتخب، ولذلك بات لزاماً أن يعرف الجمهور السعودي قائمة منتخبه الأول مبكراً وعلى مدى طويل بدلاً من آلية التغيير المستمر التي جعلت الأخضر بلا هوية ومنحت تصوراً لدى اللاعبين السعوديين أن إمكانية الانضمام له لا تستلزم إظهار مستوى بارز على فترة طويلة، حيث استمرار المستويات المميزة للاعبين على مدى عدة جولات لم يعد مقياساً لدى المدربين الذي يتعاقبون على المنتخب بل إن البروز في مواجهتين هامتين قد يكون تذكرة عبور إلى قائمة الأخضر المختارة، والغريب في الوضع أن هذا الوضع يحدث مع أغلب المدربين الذين يتسلمون مهمة تدريب المنتخب، في مؤشر غريب يعطي دلالة على سرعة اكتساب هؤلاء المدربين لثقافتنا الرياضية القائمة على جملة أخطاء في تحديد أهدافنا المستقبلية والواقع الحالي يسند مثل هذا الرأي بزعمي. إجمالاً لن أردد مثل غيري على أهمية ضم اللاعب الفلاني وغيره، لكنني أجزم أن أي لاعب مؤهل أن يكون دعامة قوية لقائمة المنتخب وممن سبق له إظهار ما يشفع له بالتواجد وصاحب خبرة جيدة من الظلم أن يتساوى مع المتفرج العادي في شاشة التلفاز على مواجهات الأخضر وحان الوقت لأن يكون شريكاً في تحقيق المنجزات التي تنتظر كرة القدم السعودية في قادم الأيام قبل أن نواصل الهبوط المخيف الذي يحتاج “خطة إنقاذ” حقيقة، ونردد حينها: “غرق الغرقان أكثر”.