أخضرنا يابس
يقال إذا كنت تم تلك الرؤية ستحقق الحلم، وأعتقد أننا في المشهد الرياضي نفتقد هذه الرؤية، ونتيجة مواجهة إسبانيا البارحة دليل على حالة التوهان التي طالت ولم تنته فصولها، ولا توجد مؤشرات لنهايتها. ليست القضية خماسية متوقعة من بطل العالم، والمنتخب الأفضل خلال آخر عامين، لكن القضية تتلخص في توقيت المواجهة غير المدروس خصوصاً أن المنتخب لم يصل لمرحلة النضج والثبات على عناصر محددة، إضافة إلى غياب الحاجة لمثل هذه المواجهات في هذا التوقيت الذي زاد من نسبة الإحباط، وعزز من فقدان الثقة في الشارع الرياضي السعودي، والأهم من ذلك كله تكريس الصورة الذهنية السيئة عن كرة القدم السعودية خلال الأعوام الأخيرة. يجب أن نتفق على أن خيار التعاقد مع الهولندي ريكارد كان خطأ منذ البداية، نظير افتقاد الرجل للرؤية الفنية والشخصية القيادية في هذه المرحلة، لأنه وبكل اختصار لم يكن رجل المرحلة الذي نحتاجه فيها، والاستمرار في تسليمه دفة القيادة الفنية لن يضيف بل سيزيد من إشكالاتنا التي تتزايد بشكل مستمر. إخفاقاتنا لا يتحملها ريكارد لوحده، لكن غياب الرؤية لمستقبل الأخضر هو ما يزيد من حجم الإحباط المستمر للكرة السعودية. جيد أن تخوض مواجهات دولية ودية قوية مع منتخبات تفوقك بمراحل لاكتساب المزيد من الثقة والخبرة لكن هذه المرحلة تكون بعد شهور من الثبات على قائمة معينة، وخوض أكثر من منافسة رسمية وودية توفر الاستقرار المنشود، ومن ثم يتم الانتقال لمرحلة خوض مواجهات أكثر قوة قبل الوصول إلى مرحلة منتخبات الصفوة. ربما أن خماسية الإسبان توصلنا لقناعة واضحة ومعلنة أن التغيير بات مطلباً في الجهاز الفني والإداري وحتى بعض الأسماء في المنتخب التي وجودها لا يضيف الكثير، ولا تملك الحماسة والرغبة للتواجد في قائمة "الأخضر"، ووصلت إلى مرحلة متقدمة من الإحباط والتشبع من الخسائر، وغير قادرة على تجاوز هذا الشعور. لجنة شؤون المنتخبات عليها أن تعي أنها مسؤولة عن طموحات شعب قدره أن منتخبه كان سيد المنتخبات الآسيوية ومن الواجب إعادته إلى مكانه الطبيعي بدلاً من تركه يغرق في كل يوم أكثر وأكثر حتى وصل للمركز ١٠٥ عالمياً في تصنيف الاتحاد الدولي وقبله في القائمة منتخبات أقل إمكانات وتاريخا ومخصصات مالية لكنها في المقابل لديها الطموح والرغبة لتحقيق منجز تتفاخر به. ربما أن يوسف خميس أو خالد القروني لديهما من الإمكانات حالياً ما يستطيعان به إخراجنا ليس من عنق الزجاجة بل من قاعها والقفز بنا إلى مرحلة أكثر تفاؤلاً وحيوية بدلاً من تركنا في مرحلة عبث أطاحت بكل آمالنا وطموحاتنا في استرداد المكانة التي نستحقها، رياضيتنا تحتاج مخلصين مؤهلين والأكيد أن هذا ما نفتقده.