الحرف الــ29 ـ طرب...يا عرب
ثبت أن عدد المطربين والممثلين الشباب الذين تصدرهم القنوات والفضائيات العربية، وشركات الإنتاج الفني والدرامي سنوياً يفوق عدد الأبطال العرب في جميع مشاركاتهم الأولمبية منذ انطلاقها قبل أكثر من قرن تقريباً، وأنا أتحدث هنا بناء على إحصائية خاصة بي لم تأخذ معي سوى دقائق قليلة فقط بعد الاستعانة بالصديق "قوقل". أدرك أنني هنا أمارس توفير الإحباط المجاني، ولكننا نحتاج كثيراً للقسوة لعلنا نستفيق من أحلامنا الكاذبة ونظرتنا المتضخمة تجاه أنفسنا قليلاً. مصيبة - وأنا أحاول أن أسمي الأشياء بأسمائها- أن يكون عدد الميداليات التي يحققها اللاعبون واللاعبات العرب في كل أولمبياد يقل بكثير عن عدد الدول العربية المشاركة وهي 22 دولة، وكانت المشاركة الأفضل تاريخياً في أولمبياد سيدني بحصيلة 14 ميدالية فقط. أيعقل أن عدد الميداليات العربية طوال التاريخ إضافة إلى الأولمبياد الحالي لا تتجاوز 90 ميدالية تقريباً؟ الغريب هو تناسي الكثير من الاتحادات الأهلية العربية لآلية تقديم أبطال أولمبيين بدليل عدم توفير الدعم للكثير من المواهب العربية المتنوعة، وعدم تبنيها منذ وقت مبكر بما يوفر لها أجواء صحية تسهم في صقل موهبتها، ومنافستها عالمياً أسوة بالكثير من الدول النامية التي عرفت كيفية صناعة نجوم أولمبيين يمنحونها صورة زاهية، ويسهمون في تقديم دعاية مجانية في محفل عالمي ضخم مثل الأولمبياد، والقائمة طويلة للاعبي دول فقيرة جداً أسوة بالدول العربية، ورغم ذلك نجحوا في رفع أعلام بلادهم المغمورة في منصات التتويج. أتساءل وسأتحول للشأن المحلي عن الاتحادات الرياضية السعودية وما هي مخرجاتها؟ وما هي الإنجازات التي من الممكن أن تشفع لمنسوبيها بالبقاء في مناصبهم؟ الفاجعة أنها لا شيء سوى معسكرات طويلة مدفوعة الثمن أشبه بالسياحة للاعبين والإداريين وجميع أعضاء كل بعثة، والناتج ميداليات على مستوى الخليج والعرب، وأمام منافسين أقل إمكانات وتأهيلا ودعما كذلك، وأركز على الأخيرة كثيراً. أعتقد أن أولمبياد لندن الجاري يجب أن يكون نقطة تحول في مسيرة عمل الاتحادات الأولمبية السعودية بحيث تشهد المرحلة المقبلة غربلة شاملة خصوصاً للكثير من الأسماء التي أثبتت فشلها وضعف مردودها، وعليهم حفظ ما تبقى من كرامتهم أمام الرأي العام، وتقديم الاستقالة وفتح الأبواب لمن يجد في نفسه القدرة على خدمة وطن يصنف سبق له تحقيق الريادة الرياضية لكنه تخلى عنها قسرياً. المفارقة العجيبة أن نسمع كثيراً عن فوز عدد من اللاعبين السعوديين في مناسبات عالمية ودية سابقة، وتحقيقهم لمراكز متقدمة في بعض الألعاب، لكنها تغيب في كل أولمبياد، وكل ما يحدث يؤكد أننا لا نحترم التخصص بدليل وجود اتحادات رياضية تضم في مجالس إداراتها أسماء لم يسبق لها ممارسة اللعبة، ولا تعرف حتى قوانينها لكنه الواقع الذي لن يجلب سوى نتيجة "لم ينجح أحد"، سوى فريق الفروسية الذي لا فضل في تحقيقه لميدالية برونزية إلا لله ثم لملك داعم، ومحب لهذه الرياضة فقط فقط.