احترموا وجهة نظري
قبل عدة سنوات لم نكن نسمع في البرامج الرياضية وغيرها عبارات: “هذه وجهة نظري”، أو “يا أخي أحترم وجهة نظري”، وعبارات لا تتجاوز التأكيد على ضرورة احترام الآراء المطروحة خلاف الوقت الحالي الذي يستحيل أن يمر برنامج أو حديث إعلامي من دون ذكر المفردات أعلاه في تأكيد واقعي على أننا مجتمع لم نكن نعرف كيف نتحاور، ويبدو أننا لانزال، وكل ما نجيده حالياً هو ادعاء معرفة أدب الحوار.
مجتمعنا حالياً هو أكثر المجتمعات في العالم تغييراً في نسيجه الاجتماعي، وتركيبته الثقافية، وكذلك النفسية خلال وقت وجيز جداً، وكل ما يحدث حالياً يشير إلى أننا وتحديداً في وسطنا الرياضي نحبو بكل بطء تجاه أن نكون أفضل.
الملك المصلح عبدالله بن عبدالعزيز أسس ودعم جميع المبادرات المعنية بنشر ثقافة الحوار، ولكن لا يزال الكثير منا وتحديداً من قادة الرأي في المشهد الرياضي يرفضون ذلك، ومجرد التوقف ولو لدقائق أمام بعض البرامج سيؤكد هذا الرأي، ويكشف قائمة من الأسماء تقول ما لا تفعل، وتصدر لهذا الفكر الغريب.
يقول صديقي المختلف جداً مفيد النويصر: “عندما ترى أحدهم يطالبك باحترام وجهة نظره فتذكر أنه يمارس تسفيهاً لرأيك، ويحاول تقديمك للآخرين وكأنك (ما عندك سالفة)”.
أدرك جيداً أن المنافسات الكروية تحولت خارج “المستطيل الأخضر” في آخر ثلاثة أعوام تقريباً، لكن من الظلم اتهام الإعلام بأنه يمارس تأليب الجماهير، وأنه خلف الاحتقان في المدرجات، وأنه منبع التعصب، إلى الدرجة التي تصفه بأنه السبب الرئيسي في وصول رياضتنا إلى هذه المرحلة من التواضع الذي جعل منتخبنا في المرتبة 98 عالمياً في آخر تصنيف لفيفا، وغيب أنديتنا عن المناسبات الكبرى منذ سنوات.
يجب أن يعرف الجميع أن الإعلام لايخلق المشكلة بل يسلط الضوء عليها، الإعلام ليس هو من يختار الأجهزة الفنية والإدارية في المنتخبات، وهو لايملك الصلاحيات لوضع برامج الإعداد وجدول المواجهات الودية.
الإعلام غير مسؤول عن اختيار المدربين واللاعبين الأجانب المتواضعين للفرق المحلية، وهو كذلك لم يسهم في رفع أسعار عقود اللاعبين المحليين لمرحلة مجنونة.
الإعلام يا سادة لايتحمل تصاريح المسئولين المتشنجة، ولا لقاءاتهم التي لا تسمن ولاتغني من جوع، ولايدفع بعض اللاعبين والإداريين لارتكاب حماقات علنية، هو يبرز جميع التجارب الناجحة، وفي الوقت ذاته يعرّي وينتقد الأعمال السيئة، متى يفهم الكثير أن الإعلام رقيب، وهذا أهم أدواره.
أخيراً أثق أن العمل الجيد والمحترف لن يتأثر بأية أطروحات سلبية، لأن واثق الخطوة يمشي ملكاً، أما من يوغل في تصدير الإخفاقات والخيبات فعليه أن يتحمل وزر عمله، ولايطلب من الجماهير أن تسكت ولا تناقش عمله لأن العمل الجيد هو فقط من يتحدث عن نفسه، وهذه وجهة نظري ويجب عليكم أن تحترموها.