الصندوق الأسود
تثبت التجارب الماضية أننا نمنح الآخرين دائماً فرصة كشف سوءاتنا أمام أعيننا، والغريب أننا نمارس ذلك بنفس راضية مطمئنة. قبل أيام قدم وفد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم تقريره عن أوضاع كرتنا، وهو التقرير الذي مر مرور الكرام على الكثير من متابعي المشهد الرياضي المحلي خصوصاً أنه شمل ملاحظات عدة وتحديداً في السلبيات، إذ إن الإيجابيات لم تبتعد كثيراً عن نظيرتها. من أهم السلبيات برأيي التي قدمها التقرير تمثلت في ثلاث نقاط متداخلة، وهي ضعف إستراتيجيات التسويق للأندية بالاعتماد على راع واحد وغياب الخطط المستقبلية، ثانياً: الاعتماد الكبير على التبرعات الفردية لأعضاء الشرف بنسبة أكبر من المعدل الطبيعي، وأخيراً وجود فجوة بين عمل هيئة دوري المحترفين وتفاعل الأندية. كنت وما زلت أؤكد على ضرورة تعدد الرعايات للنادي الواحد أسوة بالأندية العالمية، إذ من الجيد أن يكون لكل ناد راع رئيسي إضافة إلى أكثر من راع مشارك، وهي النقطة الجيدة التي أقدمت عليها هيئة دوري المحترفين إذ كانت البداية بـ»زين» كراع رئيسي للدوري، ومن ثم أضافت «ماستر كارد» الموسم الماضي راع شريك، وأخيراً «طيران الإمارات» الذي شكل إضافة مميزة.
هذا العمل الذي تتفرد به هيئة دوري المحترفين يجب أن يتم إقراره على أندية الدوري بلا استثناء، ولا يتم السماح للشركات الراعية للأندية كما هو حاصل الآن في التحكم التام بها، وعدم السماح للأندية بالبحث عن رعاة شركاء مقابل امتيازات تقل عن الراعي الرئيسي في خطوة من شأنها أن توفر للأندية مداخيل مالية إضافية جيدة تعفي إداراتها من التسول المستمر من أعضاء الشرف.
يجب أن تعمل هيئة دوري المحترفين من الآن على إعادة النظر في عقود رعاية الأندية، وتعديل الكثير من بنودها التي لا تسمح لها بالتوقيع أو حتى التفاوض مع رعاة شركاء متوعدة إياها بغرامات مالية تفوق قيمة عقد الرعاية السنوي.
الاستثمار وحده هو من سيوفر للأندية كافة بيئة رياضية صحية، لكن بعض الإجراءات المعمول بها لدينا تحد من ذلك في ظل غياب التوزيع العادل والسريع لمخصصات الأندية المالية من قبل الهيئة أو الرئاسة سينعكس سلباً بالتأكيد على مستقبل الأندية التي باتت تحتاج إلى مرونة أكثر في تعاملاتها المالية بما في ذلك الصندوق الرياضي الخاص بالرئاسة العامة لرعاية الشباب الذي يستحق أن يكون «الصندوق الأسود» لرياضتنا ليس في حفظه للذكريات والأسرار إنما في حفظ جزء من مداخيل الأندية يمثل 20% في كل عقد أو كل رقم يدخل في خزانات الأندية بما فيها تذاكر الجماهير وغيرها.
الأندية تحتاج المال وبدلاً من أن يتم توفيره أو تسهيل فرصة الحصول عليه يجب من الآن العمل على ذلك بدلاً من الاستمرار في أخذه، أو الحصول على نسبة كبيرة منه، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.