يا استثمار ما أطولك
أدرك أن الخطوات المتسارعة في المشهد الرياضي المحلي باتت واضحة في سبيل تنمية الموارد المالية للأندية بدليل تشكيل فريق تطوير الاستثمار الرياضي بقيادة الأمير عبدالله بن مساعد، وعضوية بعض الخبراء في العمل الرياضي أو الاستثماري، لكن الإطلاع على التجارب المقدمة يدفعنا للبدء من النقطة التي توقف أمامها المجتمع الكروي الدولي الذي يقفز من مرحلة إلى أخرى في حين لا نزال نواصل نحن الحبو.
مشكلتنا الأساسية برأيي دائماً ما تكون مرتبطة بتنظيمات الجهات ذات العلاقة سواء في وزارتي المالية والتجارة، وكذلك في الحديث المستمر عن وجود خصوصية تميزنا كروياً عن الآخرين، وكذلك في حراك هيئة دوري المحترفين التي أرى أن عملها حتى الآن بعيد عن مستوى التطلعات، لأننا بصراحة نسمع جعجة ولا نرى طحناً، ولا أدل على ذلك من توقيع عقود خاصة بالدوري من دون استفادة الفرق المشاركة في هذا الدوري من مبالغ تلك العقود بداية من عقد رعاية زين مروراً بعقد الراعي الشريك للدوري مع “ماستر كارد” إضافة إلى اتفاقيات أخرى مبهمة وتستحق أن يطلق عليها “العقود الخفية”.
وبالنسبة لوزارة المالية أعتقد أن الميزانية المحددة للأنشطة الرياضية لا تزال أقل بكثير من مستوى الطموحات، إضافة إلى أن آلية العقود والصرف تسهم في المزيد من المشكلات، في حين أن وزارة التجارة لا تزال عاجزة عن حماية الأندية من عملية السطو المستمر على قمصانها ومنتجاتها الخاصة وبشكل علني من دون أدنى تجريم أو تحميل مسؤولية.
في إسبانيا مثلاً لا تزال الأندية الكبرى وتحديداً برشلونة وريال مدريد تواصل البذخ في سوق الانتقالات، وتحديداً الأخير، وعلى الرغم من ذلك لا يزالان يتواجدان ضمن قائمة أول خمسة أندية على مستوى العالم تحقيقاً للأرباح السنوية.
أثناء زيارتي إلى ملعب “سنتياجو برنابيو” في مدريد صبيحة اليوم التالي لمواجهة برشلونة السبت الماضي، لم يتأثر الجمهور المدريدي أبداً بنتيجة المواجهة، إذ حرص الكثير من الجمهور على زيارة الملعب، وقضاء وقت ممتع في مقر الملعب مقابل 40 يورو تقريباً للشخص الواحد (ما يفوق 200 ريال) وهو ملعب ضخم يتسع لأكثر من 84 ألف مشجع، ويضم متحفاً فاخراً يحوي تاريخ النادي بكافة ألعابه، إضافة إلى متجر كبير يضم منتجات النادي المتنوعة، إضافة إلى إمكانية التصوير مع النسخة الأخيرة من كأس دوري أبطال أوروبا التي امتلكها الفريق في عام 2000، والتصوير مع نجوم الفريق عبر استخدام برنامج خاص مقابل 12 يورو للصورة الواحدة (قرابة السبعين ريالاً)، كما يتم السماح للزوار بالتصوير في أرجاء الملعب بداية من المدرجات، ودكة البدلاء، غرف الملابس، قاعة المؤتمرات الصحفية، وغيرها في زيارة من الممكن أن يصل مجمل وقتها إلى 3 ساعات، والمحصلة وجود دخل مالي ضخم جداً طوال السنة يوفرها ملعب النادي الحديث المؤسس بطريقة توحي للزوار أنه ناد يستحق أن يتحول إلى معلم سياحي يدفع مقابله زيارته.
أدرك أن الأحلام كبيرة، وأن الطموحات أكبر، ولكن ربما أن إشراك الشركات الراعية للأندية السعودية في فريق تطوير الاستثمار خطوة مهمة من شأنها أن تحقق عدداً من الفوائد لكافة الأطراف، وأعتقد أنه من الجيد الاستفادة من شركة الاتصالات السعودية التي تتميز بعقد رعاية إعلاني مع ريال مدريد، وبالتالي لديها خارطة طريق جاهزة فقط تحتاج إلى أن تطبق محلياً لكن برؤية عالمية.