سوداوية فجّة
وبين من "يُقلل" و"ينتقد" هناك بون شاسع، إلا أننا في مجملنا نحبذ " للمنتخب" ما يحقق عاطفتنا وأن نكون في ريادة الكرة وفق ما لدينا من إمكانيات مادية ومعنوية وبشرية، وبالتالي يصبح الحوار حول المنتخب غير مفهوم وسياق الكلام يتوزع عنه .. بين "مريدين" و "ومتأففين"، ولا تستطيع بين هذا وذاك إلا أن تُصنف في صومعة ـ ضد أو مع ـ قلت: إن العاطفة تغطي فهم الأشياء لو حاكمها العقل وبمنطق يذكر، ولذا تبارت الألسنة حول المنتخب، بين من ينعته بالبُهوت، ومن يحاكمه بشكل عقلاني كعناصر وطريقة أداء، وحالة استعداد ذهب البعض بطرحه إلى كونها لم تكن منطقية لمنتخب يحاول الذهاب إلى أبعد من تاريخ تأهل فيه لكأس العالم عدة مرات، ومثل هذا العصف الكلامي لا ينصف ولا يُسلط الضوء على " من " يفعل " ماذا "، أو كيف على الأخطاء أن تتعدل، ولا تتعرض للنواقص الفنية كما يجب، إما لكون الناقد " مع أو ضد " كحالة تصنيف، أو لكون أدواته النقدية التحليلية، لا تضع المبضع على الجرح، نوع آخر حقيقي ويدرك ويقارب ويقارن ويفهم أمر التحليل الفني كما يجب، غير أنه قليل فلا يؤخذ برأيه من "مستمع " نظرا لكون الشوشرة أكثر من قبول منطق الأشياء، ولأن سوء نواياها قد تشعب هنا وهناك في مكنة الإعلام فأثرت حتى على المشجع البسيط الذي بدوره يمارس النقد بذات سياط الاستياء.
عموماً لديك ست نقاط من ـ ثلاث ركلات جزاء ـ أي أن كل نقطتين بركلة جزاء، ولديك أداء لا تفهم معه حالة التذبذب فيما بين العنصر والآخر، وبالتالي ارتفاع أو انخفاض شكل المنتخب وحالته القتالية، ولكن المنطق أنه لم يخسر، ولن أكرر مصطلح أكثرية يصب في عدم الإقناع كـ " شو " أو " إبهار " وتصب في قناعة أن حضر المنتخب كما يجب أو لم، لكن الرقم: ست نقاط كاملة الدسم، على أرضه وخارجها، ما يعني أنه ليس لديك كناقد، إلا أن تحدد ما يَلُم شتات الخلل، وبشكل يبتعد كثيرا عن "شخصنة " المنتخب كإدارة ولاعبين وجهاز فني، الثقوب التي رأيت ـ كمنطبع أو كمشاهد ـ أن هالة خط الهجوم السعودي ليست على ما يرام وإن كان يصل ويتسبب في ركلة الجزاء، لكنه قبل ذلك لا يسدد كما يجب، أو يعيق دفاع الخصم عن ترك مواقعه أو يصيب بإرباك مستمر للخصم يمنعه من التقدم، لاحظ سرعة وصول وسط وهجوم العراق إلى خلف دفاعات المنتخب السعودي، تذكر "كرار"، ومعه أن لو لم تكن ـ هناك ثغرات ـ لما كان الوصول أسهل، وهنا لا تلوم اللاعب الذي تعرف أدواته جيدا ولكن طريقة التماسك التي شرحها المدرب "مارفيك"، ومثل هذا التنظير يردده أي مشجع، حتى المعلق فيما كان يصف المباراة لم يكن يقتنع بأن "هذا هو المنتخب السعودي"، وتقيس الأمر بما أعلاه " العاطفة " أو لا منطق " أن تتعدل النتيجة فجأة " وفق أخطاء الخصم، الذي لم يتماسك فانهارت الأشياء العراقية في لحظة، لكنك في مجمل الأمر لم تخلع من ذاكرتك أو ذهنيتك ما كان يحدثه المنتخب السعودي الأول لكرة القدم آسيوياً فتقارن، وكان "شعلة النشاط"، والمحترق، وكوكبة النجوم، وفكرة اللاعب الذي بمفرده يقود "التحول"، قلت: قد فهم التدريب أو فكر المدرب اختلف ليفكر في " الفحوى أو المضمون" على حساب ارتفاع قامة الشكل أو مظهر أداء المنتخب، ولكني وجدت أكثر من ثقب، وأيضا أكثر من حالة خطأ للحكم لم تحتسب مثلا في بدء الشوط الثاني ركلة جزاء لفهد المولد.
وأبقى أطالب من الجميع بعدم "شخصنة " المنتخب، أو الزج به فيما بين "معه وضده"، لأن لغة طرح كهذه تقاس بأسخف الأشياء طالما يظن أحد على حساب أحد أن بيننا من ليسوا مع " أن نتقدم " ولو من بوابة المباراة، والمنتخب الذي للجميع ويعلق عليه آمال "وطن "، إنما أفضي إلى ضرورة انتقاء " اللغة " التي نحاكم بها الأشياء كون الخطاب الذي " يتهم " النوايا ولا يقدم القرائن أو الدلائل يصنف في خانة إدارة " قبح الأشياء" ولو من بوابة الرياضة، وهي أكثر الخطاب تداولاً بين الناس، وهذه ليست وصاية إنما "مجرد رأي"، وأنت تسمع عن ضد ومع، ومنتخب أحد على أحد ولو من باب تعثر " الطموح "، أو إقناع الناس بأننا مفلسون، لا يوجد يا صديقي في كافة أرجاء الدنيا ذلك المنتخب الواحد، الذي استمر يحقق النجاح تلو الآخر، وبالتالي يتعثر، ونحن ذلك المتعثر في فترة، وأيضا المبدع، الجيد، في فترات أخرى، وطالما المشكلة تحدث، أيضا يرافقها الحل، ولكن ليس بهذه النسب من السوداويات التي تقصم ظهر الأشياء حتى لو كانت جميلة، ثم إن ـ المحاولة أن تعود ـ ليست أن تسرد سوءات الأشياء بهذا القدر من الجرأة على "نوايا" الناس أو الأشياء ومنها اللاعب، والمنتخب، والأداء الذي لك أن تبدي امتعاضك منه ولكن ليس وفق طريقة هذا الـ "نسف" للأشياء بالكامل، هناك خلل نعم، تراجع نعم، أداء أقل نعم، عاطفة نعم، ولكن العراق تقدمت وفازت السعودية، وما تبقى يعالج الأزمة، إنما جمع المنتخب نقاطا جيدة، ولو من ركلات جزاء، قد يعالج خط المقدمة، ويعزز الوسط، ويقنع الدفاع بالتماسك أكثر، ويحصد بقية كم أمر التأهل .. تفاءل .. ولا تسأم .. إلى اللقاء.