2016-03-31 | 03:19 مقالات

الـ"كبير" عاقل

مشاركة الخبر      


لتصبح أرقى وأجمل وأمتع من مجرد "تعطيل، وملاسنات، وتعمد حرق أعصاب أحد"، وهذه في فطنتها أن يقدم الطرفان ما يسعد الناس، لا ما لا يثير سخطهم وتشفيهم وأحزانهم، فكرة القدم لا يجب أن تخرج عن مفهوم "النزيه"، ولا قالب الممتع، ولو فكر المتنافس وضده في أن يخرجا "المباراة" في إطار أوسع وأجمل لبلغا في الأخير إلى تقديم والمتعة التي تذكر، وهذه المتعة ـ دون شك ـ ستكشف "مهارة"، وستنم عن "مثالية" لا تلحق الضرر بآخر، ولذلك تجد مثلا في مباراة من وزن ـ برشلونة وريال ـ مدريد أن اللذة حاضرة، والتعامل الأسمى شعار طرفين، والمستفيد في الأخير من شاهد الفريقين وهما يقدمان نكهة كاملة الدسم للناس، ومن فكرة كهذه: لماذا لا يأتي الأهلي والاتحاد كـ"ديربي" وفق عيار الكبير فعلا وممارسة وأداء وحسن تصرف ومهارة؟ وأن يبتعد الندان عن تصرفات لا تنم عن "وعي" واللاعب ونده يرتكبان خطأ ما، كالاحتجاج، تعمد الإصابة، إهدار الوقت المتاح للمتعة، إصدار حركات لا إرادية أو انفعالية، سيما والأهلي والاتحاد من أقدم الأندية السعودية تنافساً، وبالتالي ممارسة "مباراة" لا يجب أن تبقى في "وعي ملعب التراب"، بل تصل إلى حجم ومعنى ومفهوم أنهما "الكبيران" الآن، وهذه ضع تحتها ألف خط، طالما أنت تلعب للأهلي أو للاتحاد، وطالما يردد كل طرف أنه "الحضارة"، وأنه "السيد الكبير"، وأنه "الجنتلمان"، وجمهور ما يرقى ولا يرقى، حتماً بالضرورة أن تقابل كل هذه "الأوصاف" بممارسة لعب لا تخالف سياق "الرزين، أو الفريق الثقيل، والعريق، وينافسه أحد".
إنما قلت برشلونة وريال مدريد قياساً بآخر، ومن باب التدليل على أن مواجهات الكبار تنحصر في 90 دقيقة أرض الملعب وفق كامل المتعة، بغض نظر من ينتصر على ماذا، فهما أمام مسؤولية مشتركة، لأن يسعدا هذا الكم من الجمهور الحاضر دون "تجاوزات فردية أو جماعية تذكر"، ما يعني أن تشاهد كرة قدم، وليس سجال ما يضر بآخر، ويلعن ويقبح بعد المباراة، أو "يطقطق" بما يخدش حياء آخر لمجرد خسر مباراة، أو فاز فريقه ليتحول الأمر إلى انتقاص أحد، فما بالك وأنت لم "تستمتع"، إلا بحصول فريقك على نتيجة المباراة ولو "بالخطأ"، وافتراض قد ما يتآمر ضدك، كيف تعتقد انتصارك ويكون "اليقين"، فيما لم يكن كما يجب، أو كسبته فيما تعلم أنه جاء بطرق قد لا تكون "منصفة"، كم أتمنى ألا أرى كمشاهد للمباراة، ما يرتكبه أحد "الحمقى" ولا يمت لكرة القدم بصلة، وكم أتمنى أن يشاهدنا الآخر ونحن لا نرتجل التصرف على أن ذلك من باب مناورة مباراة كرة القدم تلك التعيسة أو غير الممتعة المليئة بالأحداث التي تكشف عمّن لم يتصرف بشكله السوي.
فكرة كهذه قد تجعل محتوى المباراة أعلى، ويفوق كافة ظنون "الخدش"، طالما الندين ومنذ عشرات الأعوام يرددان: نحن "كبير جدة"، وهذه لها ممارستها وشروطها ونزاهتها وحضارتها، وكرتها الممتعة البعيدة جدا عن مضامين ما يتشنج كتصرف، ويفرغ متعة في أداء، إنما أن نكرس "لثقافة "الاستمتاع أجمل بكثير من نقيض يصور واقع الفريقين على أنه ما ليس كرة القدم، ولا المباراة، ولا "الديربي"، بل مجرد "نقاط" بعيدة عن "الغبطة"، تلك التي ليست مستوى رفيعا وأداء مبهرا، وينم عن مخططات عمل أكثر من "اخطف واجري" وفق مثل الأشقاء المصريين، ومن يتقن ذلك من الطرفين سيرفع من "احترامه"ـ وأقصد أداء ما يقنع ـ أكثر لدى المشاهد، الذي ليس في الملعب فحسب، بل حتى خارج أرجاء الوطن، وبشكل مختصر أقول: "أن تضع صورتك الذهنية في الناس بشكلها الجميل ـ حتى لو فريق كرة قدم ـ عليك أن تتصرف بحصافة، ووعي كبير في التعامل، وتحترم الخصم، وبالتالي تضع هيبتك في الناس وفق ما أردت"، والأهلي والاتحاد لطالما قدما مباريات جميلة، ولكننا نريدها أن تكون هذه المرة "كامل المتعة"، بعيدا عن "فكرة "المشجع الصغير المتعصب الذي يتصرف برعونة وفق وعيه الأقل، لاسيما وأنت تتحدث عن لاعبين بحجم كبير في الطرفين، وما يعني أيضا ممارسة ما يرقى وليس ما يذهب إلى أدنى ويثير الضجيج كاستهجان.. إلى اللقاء.