الجمهور (مش عاوز كدا)
عبارة(الجمهورعاوزكدا) هي الإجابة الجاهزة والمعلبة أيضا لكل من مخرجي ومنتجي أفلام ومسرحيات(التهريج الرخيص) وأصبحت هذه العبارة معروفة من عدن في اليمن إلى تطوان في المغرب ويسجل لهذه العبارة الشهيرة أنها مصرية المنشأ.
وقد تكون العبارة مقبولة في المجال الفني انطلاقا من مبدأ الترفية وإضحاك الجماهير لكن قد لاتكون مرحبا بها في برامج رياضية تحليلية ينتظر منها الرؤية الفنية العميقة لا تهريجا وصياحا مما يعني أن الجمهورالرياضي على الأرجح (مش عاوز كدا).
لكن على طريقة الجمهور(عاوزكدا) غزت الاستديوهات الرياضية وبشكل لافت خلال منافسات خليجي 20 التي استضافتها اليمن الشهر الماضي وظهرت بوضوح في برنامج المجلس الذي تبثة قناة الدوري والكأس القطرية.
ويبدو أن القائمين على البرنامج استهوتهم عملية (التهريج) والانفعالات (البريئة) وغير (البريئة) ونقلوا تراثهم معهم ليظهر بشكل أكثر (فجاجة) خلال (ثرثراتهم) في مجلسهم عن بطولة أمم آسيا التي أنهت فعاليتها في الدوحة أمس السبت.
وتسابقت فرقة (المجلس) على العزف على أوتار بعض عواطف محبي الرياضة ممن يستهويهم الجدل والمناكفة والتسفية أيضا وبالغوا على مدى اثنين وعشرين يوما في التفوه بما رخص ودون ذلك من الكلام.
وبدا للمتابعين أنهم أمام فوضى ومداخلات ومقاطعات في محاولة لضبط الدور-على ما يبدو- وإيهام المشاهد بسخونة الحلقة ثم يقفز من يعتقد أنة أهين وربما هي إهانة منسقة ليطلب الاعتذار ويسارع زميله مدعيا الشجاعة بالاعتذار في مشهد أقرب إلى (البلاهة المزدوجة).
وإذا كان برنامج المجلس لقي إغراء في الاستمرارعلى هذا النحو من الطرح من شريحة رياضية تصفق لـ (فرقة المجلس الرادحة والقادحة) فهذا شأنهم وبرنامجهم ومن شارك فيه من الإعلامين واللاعبين القدامى.
وبمناسبة اللاعبين القدامى يقفز اسم أحدهم (طائرا) كما لوكان أضحوكة البرنامج بمبالغته في التمثيل الانفعالي الأقرب للسذاجة في القول والحركة كونه لايسطع تركيب جملة فنية كروية متكاملة.
لكن اللافت أن (بضاعة المجلس) تسربت من خلال المحاكاة وإن نفذت بأسلوب آخرإلى استديوهات أخرى لقنوات خليجية أقربها تقليدا القناة الرياضية السعودية وشقيقتها الجديدة في نفس المدينة.
وربما أقرب وصف لمثل هذا البرنامج ومن قلده أنها تفتقد إلى الإعداد والتقديم المهني العلمي المعروف ويمكن القول وبطريقة مخففة أنها تقع في دائرة الاجتهاد.
فلا تفاعل مع الأحداث ولا طرح ثري متنوع يلبي رغبة معظم الشرائح الرياضية ولا احترام لعقلية المشاهد بل إن قوى التكلس (الرجعية) تجلت في إظهارعجزها التحليلي وانكشافها للمشاهد.
واللافت أن (المجتهدين) يتباهون ببرامجهم وأحدهم (عدل) من وقفتة مادحا برنامجة (الآسيوي) الذي يبث من الدوحة في لقاء فضائي وقال:(أزعم أنه أفضل البرامج) ودوره في تقديمه (شبه متفرج مع بعض عبارات السجع) وربما يكون الأفضل في الفوضى.
يبقى القول: إن البرامج المستنسخة من نسخ رديئة لاتنتج إلا مادون ذلك وأسوأ وإن الإعلام التلفزيوني علم نظري يدرس وفن بالتطبيق والممارسة وليس صياحا وتهريجا وكأننا أمام مسرحية هزيلة سيئة التنفيذ والإخراج أو أشبه بـ (حراج ) في مكان شعبي تعمه الفوضى.
وتبقى إشارة إذا كان لكل (فوضى) استثناء فلعل الحلقة (اليتيمة) الجيدة لبرنامج المجلس هي تلك التي استضافت نجوم التعليق الرياضي الذين علقوا على أحداث مباريات أمم آسيا في الدوحة تجب ماقبلها وتؤسس لطرح نافع لما بعدها خاصة وأن البرنامج أصبح شبه (ملهم للهواة من مقلدية) .