مجبرٌ «زيدان» لا بطل!
"سأضع قلبي كاملًا في هذا النادي لمنحه كل ما أملك" البداية؛ لكننا أحيانًا نضطر إلى مغادرة مَن نحبهم مجبرين، ومن الأبواب الخلفية لسبب ما؛ والنهاية "اتَّخذت هذا القرار الصعب، لأنني أحب مدريد، وفي بعض الأحيان لابد من التغيير وهذا هو الوقت المناسب"!
أشعر بأن زيدان "مجبرٌ لا بطل" على مغادرة حبه الذي استوطن جنبات روحه "قلعة السنتياجو برنابيو"، والغموض الذي يلتف حول قراره، تنجلي ضبابيته إذا ما علمنا أن "أنف" بيريز السبب، الذي لا يكف عن حشره بين خلايا وشرايين رأس الأصلع الفرنسي!
زيدان يملك أصولًا عربية، ودمًا جزائريًّا ثوريًّا، ولا يرضى بخيارات إملاء الأوامر ولا المناصب الصورية التي تأتي على حساب كرامته وسمعته وقناعاته، و"دمه الحار"!
فهذا الرجل يتَّكئ على تفوق وامتيازات، ورثها عن نفسه كأسطورة، لاعبًا ومدربًا، الرجل الذي شرب نخب الانتصارات على هزائم بعضهم بسرية، وغرس عوسج النصر في خاصرة الظروف والإشكالات!
زيدان قرَّر التنازل عن شجاعته بالتغيير هربًا من الباب الخلفي منعًا للاصطدام مع أناس بينه وبينهم بطولات وانتصارات!
وبيريز يضع العقدة عقب العقدة في طريقه، والخوف من فرضه أسماءً في الميركاتو المقبل على حساب قناعات زيدان، وهو الذي يشعر بالمثالية والاكتفاء!
878 يومًا، قضاها زيزو مع مدريد، خلق من خلالها 9 بطولات من رحم الجودة والتحدي، و3 تشامبيونز كالمعجزات في ظرف عامين ونصف العام، ودكة احتياط هي الأقوى على مستوى العالم، وحوَّل أسماء مجهولة إلى نجوم: نافاس، وكاسيميرو، وفاسكيز... وجعل الفريق أكثر مرونةً تكتيكيًّا، وحلو المذاق كتلك الحلوى البيضاء التي يُدعى بها، أو التي يلتهمها الناس في أعياد الهالوين!
زيدان حوَّل الدون إلى آلة تسير على الأرض، وتحصد الجوائز، وزاد هيبة الريال الأوروبية، وجعله كالشوكة المغروسة في حناجر أعدائه!!
فكيف لبيريز استيعاب هذا الرحيل المفاجئ والصدمة، وهو لا يعلم معنى تحديه عقلية فذة، تحمل دمًا عربيًّا ثائرًا لا يكف عن الغليان، ولا يرضى بالهوان؟!
وبين الخيارات، يأتي كلوب، الخصم الخاسر في المعركة الأوروبية الأخيرة، خيارًا لكاريزمته، وروح الباور/الطاقة الإيجابية التي يستطيع إضافتها في الميدان، شرط أن "يُرقوه" من الروح الشريرة التي تعبث بحظه في النهائيات!
وأعتقد أن مدريد في طريقه الآن لتجهيز أسطورة جديدة على خطى زيدان، خاصة أن له حظوة عند العجوز بيريز، وراؤول جونزاليس!
زيدان لن يغامر باسمه وصيته ومستقبله بتدريب منتخب "مرقَّع"، ولو كانت الإغراءات كبيرة مثل المال، أو الوجود مجددًا في المونديال بعد المقبل!