2018-06-23 | 23:56 مقالات

على بعد أمتار من الكرملين!!

مشاركة الخبر      

لا يمكن لباحث أو مفكر أو حتى زائر للديار الروسية، إلا أن يشير إلى الحصن التاريخي "الكرملين" بكل ما يحمله من رمزية ثقافية وعسكرية وسياسية واجتماعية لعدة قرون.. ولا يزال.

أكتب عن "الكرملين" بعد أيام من زيارتي له.. اللحظة التي شاهدته فيها لم تكن عابرة؛ فقد تمثل أمامي كل ما شاهدته أو قرأته أو سمعته عن روسيا والاتحاد السوفييتي تحديداً.. الشيوعية.. القبضة الحديدية.. الدب الروسي بفكره وقوته وعناده.. بانتصاراته وانهزامه ومواقفه.. بسيطرته وضعفه.. وكل ما قرأته منذ الصغر عن المدرسة الروسية في السلم والحرب.

أكتب عنه وقد شاهدت صوراً لم أكن أتخيل أن تحدث بجواره لولا الله ثم تلك الأسباب التي سمحت لآلاف السعوديين بالتواجد في المحفل العالمي "مونديال روسيا".

السعوديون كانوا هناك بدينهم وفكرهم وانتمائهم واعتزازهم بوطنهم.. نقلوا تربيتهم واستقبلوا تجارب الآخرين في امتزاج فكري ثقافي تعددت فيه الأعراق والانتماءات وبقيت فيه الابتسامة والاحترام حاكمين لمشهد رياضي ثقافي لا يمكن أن تلاحظه مجاهر المتصيدين!

تجمعوا في الساحة الحمراء يرددون السلام الملكي.. ثم يعاودون "كلنا سلمان كلنا محمد".. كانت الجموع من مختلف شعوب العالم تتسابق على التصوير وتوثيق لحظات هيام السعوديين بأنفسهم..

وعشقهم لبلادهم وكل ما فيها.. يزينهم الزي السعودي.. بيارقهم خفاقة تحملها أذرعهم.. وتحيط بها أهازيج الفخر وشيلات الولاء لكل ما هو أخضر..

كنت هناك.. وشاهدت تمثيلاً سعودياً أفخر به في التعامل واحترام الآخرين.. شاهدت شبابنا يباشرون تنظيف مقاعد المدرجات قبل مغادرتها.. شاهدتهم يبادلون الجميع التحية ويسبقونهم بالابتسامة..

شاهدتهم يتركون نتائج الملعب خلف ظهورهم ويباركون للمنتصرين.. عاشوا اللحظة كما يجب أن يعيشها الإنسان الحضاري..

اسألوا من كانوا هناك وسيقولون لكم ما عجزت عن وصفه وأكثر.

أكتب ذلك بعد أن اطلعت على الآراء التي عارضت وهمشت واستكثرت دعوة الهيئة العامة للرياضة لآلاف السعوديين من الجماهير والإعلاميين والمؤثرين في مختلف القطاعات.. كانوا سطحيين وهم يتناولون ذلك الدعم الحكومي الملموس.. كانت "الحلطمة" شعاراً لهم وهم يقدمون آراءهم.. لم يشاهدوا الجزء المليء من الكوب والمكاسب التي لا حصر لها جراء تلك المشاركة المؤثرة.فمن كان يتخيل.. أن يحدث كل ذلك على بعد أمتار من "الكرملين"؟!! لا يمكن لمثل هذا الأمر أن يحدث لولا أن هناك من استشعر قيمة وطنه وأهمية المناسبة.. فشكراً لكل من سعى لاستثمار هذه التظاهرة العالمية في نشر جزء من ثقافتنا وحبنا لوطننا.. ولا عزاء لكل من قلل من أهمية المشاركة واستكثر على المشجعين والإعلاميين والرياضيين تواجدهم في هذا المحفل.
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن.