خبرة أو قل دبرة
انتهت مباريات كأس العالم التي ننتظرها كل أربع سنوات لإعادة ترتيب ذائقتنا الرياضية، خلاصة اللاعبين الأمتع والأكثر مهارة وتصميمًا ومثابرة على وجه الأرض في مكان واحد.
لو لاحظت عزيزي القارئ لم أقل اللاعبين الأكثر خبرة؛ لأن هذه المفردة هي الأكذوبة الأكبر في تاريخ كرة القدم التي أصبحنا نتداولها دون أن نكلف أنفسنا عناء البحث عن مصداقيتها.
على المستوى الفردي أين هي الخبرة التي يحملها صاحب التسعة عشر ربيعًا “مبامي”، ومتى تسنى له أن يجمع الخبرة التي يتحدثون عنها، وهو الذي كان قبل سنتين طفلاً وأصبح اليوم مراهقًا.
وأيضًا وعلى المستوى الفردي هل كان بيليه خبيرًا وهو يصنع أمجاد البرازيل في سن التاسعة عشرة، إنها الثقة والمسؤولية والموهبة التي حينما نفتقدها مع “قل الدبرة” نعلق فشلنا على الخبرة.
ثم نستعرض هذا على مستوى المنتخبات ونسأل هل كانت الأرجنتين والبرازيل مكتنزتين بالخبرة التي نسمع عنها ولم تشفع لهما، لو سلمنا جدلاً بوجودها لنخلص إلى حقيقة مفادها الخبرات مجرد ترهات.
ولو طبقت ذات المبدأ على المدربين، فستجد أن الفكر هو المسيطر وليس خبرات “صعو” هي كبيض “صعو” نسمع عنها ولا نراها إلا في أفواه محللين ومهرجين هم أقرب للببغاء من الغباء.
والدليل أندية ومنتخبات أوروبية تم اقتيادها إلى المجد بمدربين هم حديثو عهد بالتدريب، ولنا في زيدان وزلاتكو خير دليل قاطع، وكرة القدم لا تعترف بخبرات أو سن بل بفكر وأداء جماعي مبهر بالفن.
كل ما تقدم لم آت به من بنات أفكاري بل هو واقع أثبتته البطولات العالمية، وللأسف لا أستطيع ضبط حسرتي على مواهب قتلناها بحجة الخبرة نجوم أفلت وبالعشرات وما فات قد مات.
كم من لاعب سعودي في سن مبامي وبيليه وغيرهما فقد فرصة بزوغه تحت بند قليل خبرة، وكم من معمر ابتلينا به لاعبًا حتى أدرك الأربعين، والنتيجة ذهول وعبث أن ينزل وحي الخبرات على الكهول.
الأهلي والنصر والهلال وإن استثنينا الاتحاد أندية أراها مقابر جماعية للمواهب نسمع بالنجم في المنتخبات السنية، وما أن نتعشم المكاسب إلا ونسمع أن اللاعب قد تحول إلى نادٍ آخر وقد أصبح “شايبًا”.