بطولة «لي بلو»: هجين و«جرينتا»!
“نريد أن نحتفل علينا أن نموت بالميدان، يهمني الفوز بكأس العالم، خسرنا نهائي اليورو لدينا نهائي آخر، لن نسمح بأخذ ما هو لنا، لدينا 90 دقيقة لدخول التاريخ للأبد، دعونا نذهب للميدان كمحاربين”!
كلمات تاريخية رصينة لنجم المان يونايتيد “بوجبا” تؤكد على التعبئة النفسية وأهميتها وهي التي عمل عليها المدرب الفرنسي ديدييه ديشان، رغم الجدل الذي يحوم حول منتخب الديوك وأنه “لا يأكل بيده” وأن بطولاته/إنجازاته من صنع الآخرين “المجنسين” الذين أعطوه القوة والتفوق وكأنهم أبناء الشانزليزيه عرقا وجينات وراثية!
السؤال كيف نجحت فرنسا بصبغ “الأفارقة” بالصبغة الوطنية وحس الانتماء والعطاء “الجرينتا” والقتالية، رغم أنه “هجين” ويبدو كمنتخب إفريقي سادس؟!
التجنيس ليس عيبا باستراتيجيات الكرة الفرنسية وعملها المستقبلي الذي حققت من ورائه كأس العالم مرتين والاستفادة من المادة الخام الإفريقية!
لقب 98م قاده النجم الفرنسي الجزائري الأصل زين الدين زيدان وليليان تورام، اللذان ولدا وتربيا وعاشا في فرنسا وتشربا فكرها الكروي، وسياسة جلب “المادة الخام” من إفريقيا وإعادة تصنيعها بمواصفات البلد عمل مستقبلي آخر، الأفارقة على تماس بالثقافة الفرنسية لدواع تاريخية “استعمار/هجرة” لهذا البلد واصطباغها بالفكر والثقافة الفرنسية أمر متوقع!
ولمن ينسب الفضل وحده “للأفارقة” بالألقاب فهذا فيه إجحاف كبير لفرنسا كبلد! والسؤال لماذا خرجت معظم الفرق الإفريقية من المونديال بوقت مبكر؟ لماذا لم يحرزوا اللقب أو يحققوا شيئا؟!
دائما المال والفكر مع المادة الخام يستطيعان عمل شيء، فلا منتج يتم تصنيعه بالمال أو الفكر فقط ولا بالمادة الخام وحدها، جميعها بحاجة إلى بعضها لتكتمل المنظومة!
المنتج الفرنسي الذي أبهرنا في روسيا خليط تفاعل الفكر/المال الفرنسي بالمادة الخام الإفريقية، التي تشربت الفكر الكروي والثقافة الاحترافية فظهر المنتج النهائي بمواصفات خاصة “صنع في فرنسا”، كالصورة والإطار فليس لأحدهما معنى بدون الآخر!
الفرنسيين لا يجيدون “ثقافة النفخ”، التي أضاعت أغلب مواهبنا الشابة وأحرقتها؛ لأنهم يريدون الحفاظ عليها ويريدون منها الأكثر والأفضل، يقول ديشان عن الموهبة الفرنسية الجديدة “مبابي”: “رغم كل الأمور الجيدة التي قام بها ما زال يتعلم فقط”!
الجميل أن جيل الـ 98م صاحب اللقب الأول لفرنسا “خراجه” يعمل الآن بالتدريب بمواقع عالمية كروية مهمة، زيدان “تدريب مدريد” سابقا، تيري هنري مع “بلجيكا” مساعد مدرب، وديشان مدرب “لفرنسا”، ومن المتوقع مستقبلا أن يدخل جيل جريزمان وبوجبا وأومتيتي وزملاؤهم ساحة التدريب العالمية بتأثير أكثر!