صاير حَسّاس!
منْع الرقيب للكتب، له مساوئه ومعايبه، وبلاويه الزرقاء، التي تكفي لكتابة مقالة من ثلاثة أجزاء، وهات يا لطم وولولة وتحلطم!. سأكتفي بذكر سبب ليس له شهرة بقية الأسباب: منع الكتب، يجعل أخماس أسداس أعشار المواهب يكتبون دفاعًا مستميتًا عن حرية النشر، وعن تغييب الثقافة، يكتبون بطريقة للأسف هي نفسها الطريقة التي فعل الرقيب كل ما فعل من أجل الوصول إليها وتعميمها!.
• • •
ـ قبل مسفر الدوسري ونايف صقر وسليمان المانع ومساعد الرشيدي، كنا مجبرين على تحمّل غثاثة وثقل طين وغباء وعنجهية عدد كبير ممن يكتبون الفصحى!. كان يكفي أن يكتب شاعر بالفصحى، ومهما كانت القصيدة تافهة، فإنه ينظر إلى الشعر الشعبي باستعلاء، كان الوضع الثقافي والإعلامي يساعده!. بعد هؤلاء صار يمكن لطع عديم الموهبة على قفاه!. لكن الأمر لم ينته تمامًا، شاعر وشاعرة من ذلك الزمن وإلى اليوم، يكتبون بفصحى جيدة قصائد رديئة!. بالنسبة لي، لم أكن أبدًا مهادنًا، ولا قليل أذى، ورغم أنهم كانوا يعلنون استثناءً وقورًا لما أكتب، فقد كنت أقول لهم: لولا غروركم ما أعلنتم استثناء، أولاً مثلي لا يحتاجه، ثانيًا أنتم أقل من أن يكون لرأيكم حسابًا حتى عندكم!، كنت وقحًا، وهم لم يسمحوا لأنفسهم بنسيان آرائي فيهم!. لست نادمًا على وقاحتي تلك الأيام، معهم ومع غيرهم، كنت فجًا سليط اللسان، ولا أدري من أين جاءني هذا الأدب البارد؟!
• • •
ـ ظن أن صديقه كان مهتمًا حقًا بحضوره، فقد كان العتاب حماسيًا، ومحملًا بمودّة: "عمومًا، ان جيت الرياض بلّغنا"!. جاء الرياض، تذكر العتب والطلب، أرسل: "أنا في الرياض". جاء الرد: "أهلًا وسهلًا"، ثم لا شيء!.
وفجأة تذكر أن المكالمة التي انتهت بعتاب الود الحماسي، كانت مكالمة عن موضوع آخر تمامًا، لكنه من نوعية المواضيع التي لا تنتهي قبل الانتقال لموضوع آخر بمشاعر أخرى!.
كتب: كتبت أنني في الرياض، لأنك طلبت بإلحاح في آخر مكالمة بيننا!.
جاء الرد: "أنت صاير حساس جدًا هاليومين"!.
كتب: أنا حساس طول الوقت، أصبر ولا أبوح وأتجاوز وأتغافل، سنة،.. سنتين، ثم تأتي لحظة أحتاج فيها لفضفضة، في هذه اللحظة تكتبون لي: صاير حساس!.
أضاف: إذا لم أكن أنا حساسًا، فمن يكون؟!.