جدلية
«الصغير» والكبير
ما أعرفه أن الفروق الفردية بالحياة مسألة عادية جدًّا، ومتقبلة بين البشر كضدية؛ القوي والضعيف الغني والفقير، الصغير والكبير، الأبيض والأسود.
وما لا أعرفه أن معايير القوة والحجم التفوق والنجاح كالكرة يتلاعب بها بعضهم حسب أمزجتهم الذاتية للانتقاص والسخرية، وجميعها تندرج تحت بند "التعصب الرياضي"، البوابة التي تأتي منها الرياح المسببة للفتن والانتهاكات اللفظية والانفلاتات اللغوية والتجريح!
وبيقيني أن معايير الكبر، الصغر، تندرج تحت بند تاريخ النادي، وكم بطولاته، إنجازاته، مشاركاته الخارجية، أرقامه، حساباته وجماهريته ووو...، ولا تندرج تحت الأمزجة والأهواء والانفعالات لمجرد كونك خصمًا بمباراة لا تتعدى أهميتها ثلاث نقاط، وبذلك تهميش لعقولنا واستهتار بإدراكنا للحقائق ليس أكثر! فلماذا ينتقص بعض رؤساء الأندية من منافسيهم؟ وهل حقق ذلك لهم بطولة أو إنجازًا؟! بالعكس مثل هذه التصريحات مؤججة تثير الاحتقان بين الجماهير والتصادمية وحسب!!
التعصب مرض مثله مثل أي مرض، مرض حب الذات والسمو بها حب أعمى لا يرى السلبيات والنواقص، ومرض الكراهية العمياء للآخر وهضمه حقه من التقدير والاعتراف، فهل بالرياض صغير وكبير بغض النظر عن نصر وهلال؟! شخصيًّا أعتبر كل فريق له اسمه وجمهوره ومشاركاته فريقًا يحترم، فما بالك إذا كان فريق بطولات وصاحب إنجازات وأرقام...!
الانتقاص من الآخر لن يبني لك صروحًا عالية ولن يعلي شأنك؛ بطولاتك وإنجازاتك فقط من يهبك المكانة الرفيعة! لنرتقي عن المحاولات الفاشلة لتغطية نقص ما أو إخفاق معين، وهي ليست سوى تعرية للذات والفكر والقناعة والأخلاق ليس إلا! ومن المفيد التنبه لمثل هذه المعايير عند اختيار رئيس ناد "الجوانب الخلقية" واعتبارات التنافس الرياضي الشريف، فالرئيس ليس مجرد قدوة للاعبيه، بل للجمهور كذلك الذي يضم الطفل والمراهق والمرأة والمسن واحترام ذائقتهم جميعًا! ومثل هذه التصريحات تثير وتزعزع وتؤجج وتفكك ترابط المجتمع الرياضي!
لنعترف ضمنًا بأن لدينا فقرًا بالإلمام بمعاني التنافس الرياضي الشريف، لسنا بمجتمع مثالي أدرك ذلك؛ فمدينة أفلاطون الفاضلة انتهت معه والتعصب ظاهرة قديمة وعالمية، يكفي أنه سبب الحرب بين داحس والغبراء التي استمرت قرابة 40 عامًا، وإشعال الفتنة بين قبيلتين بسبب سباق وقع بين فرسين أحدهما سبق الآخر أدى لسلسة من المعارك الطاحنة أودت بحياة الكثير، لنسمو بأنفسنا ومصطلحاتنا، مفرداتنا إذا كنا نريد مجتمعًا رياضيًّا صحيًّا سليمًا بعيدًا عن الجدليات العقيمة التي لا تسمن ولا تغني من جوع؛ فالكبير كبير بإنجازاته وبطولاته، ومعروف الصغير!