2019-01-26 | 22:14 مقالات

نظرة البؤس

مشاركة الخبر      

بعد نحو 38 عاماً من المحاولات المتعثرة، نجح منتخب قطر في الوصول إلى الدور نصف النهائي من بطولة كأس آسيا، وخلال هذه السنوات استضافت الدوحة البطولة مرتين، وجلبت عشرات اللاعبين من شتى أنحاء العالم لنيل هذا الشرف، غير أنها لم تفلح في إثبات تفوقها على منتخبات مثل السعودية والإمارات والكويت.
لم تؤمن قطر يوماً بقدرة شبانها على التصدي لمهمة رفع العلم القطري في المحافل الدولية؛ ما جعلها تتجه للبحث عن حلول كان أهمها الاستعانة بلاعبين من قارات العالم المختلفة، مع منحهم جوازات سفر مؤقتة يتم سحبها منهم بمجرد انتهاء الغرض من جلبهم إلى الدوحة، حتى تحول الأمر إلى ما يشبه الاتجار بالبشر، خاصة أن اللاعب لا يحصل على الجنسية القطرية ولا يحق له المطالبة بها، بعكس ما يحدث في دول العالم ومنها الخليجية التي تمنح اللاعب جنسيتها ليصبح مواطناً إلى الأبد.
كثير من الرباعين الذين حققوا لقطر ميداليات في رفع الأثقال، عادوا إلى بلغاريا ورومانيا وبات بعضهم ممنوعاً حتى من زيارة الدوحة، وتبدو قصة اللاعب الصومالي الأصل محمود صوفي أكبر دليل على أن ما تقوم به قطر أقرب إلى الاتجار بالبشر، بعدما تم سحب الجواز المؤقت منه بعد الاعتزال، وترحيله مع عائلته إلى مقديشو أثناء ذروة الحرب الأهلية، قبل أن يناشد صوفي الحكومة القطرية بإعادته إلى الدوحة بأي صفة كانت حفاظاً على حياة أطفاله!
ليس حراماً على قطر أن تجنس اللاعبين الأفارقة أو اللاتينيين، لأن أكثر دول العالم لجأت يوماً إلى هذا الإجراء، غير أن الأمر يتحول إلى جريمة حين يتم التعامل مع هؤلاء الشبان على أنهم “رقيق” لا حقوق لهم في الوطن الذي أفنوا سنوات شبابهم في الدفاع عن شعاره..
يعلم القطريون أنهم يواجهون أزمة هوية بدليل المؤتمرات التي عقدت وستعقد عن كيفية الحفاظ على الهوية الأصلية، غير أن العلاج لا يكمن بالهروب من منح اللاعبين حق المواطنة واللجوء إلى جريمة الاتجار بالبشر للمحافظة على الهوية المهددة بتواجد آلاف البلغاريين والصرب!
في كأس آسيا 2019 يتعاطف الجميع مع شبان المنتخب القطري؛ لأن الحاجة إلى المال أجبرتهم على القبول بعقد أشبه بتجارة الرقيق، ويمكن للمتابع أن يلمح نظرة البؤس في عيونهم بمجرد عزف موسيقى السلام الخاصة بالتاجر.. وفي انتظار أن تكف الدوحة عن هذه الممارسات غير الإنسانية، يستمر هذا المشهد وصمة عار على كرة القدم عموماً.