الرقمنة حتى نعرف أين تقف
شارف دوري كأس محمد بن سلمان للمحترفين على الانتهاء وستتبعه كأس الملك وغيرها من البطولات القارية والدولية التي يشارك فيها منتخباتنا بكافة فئاتها السنية وأنديتنا، وكالعادة لن نخرج بأي قاعدة معلومات يمكن الاستفادة منها على المستويين الفردي والجماعي.
كرتنا بحاجة إلى التطوير المعرفي وهناك فقر معلوماتي لا يمكن استمراره إذا أردنا العمل وفق تنظيم يعتمد على التقنيات الرقمية، وللأسف أن هذه الإشكالية نتعرض لها سنويًّا، ما يجعل كرتنا السعودية لا تعرف أين تقف.
منظومة كرة القدم تدار حاليًا تقنيًّا بكل تفاصيلها وعبر قاعدة معلومات وتقييم فني معتمد على الأرقام والتحاليل والبيانات، حتى الأرقام الفلكية التي يتم تقديمها للاعبين في سوق الانتقالات تدار عبر تحليل بيانات رقمية ومعلومات تفصيلية، تقدمها شركات مختصة بهذا الشأن، تمثل الرافد الرئيسي للقيمة السوقية لكل لاعب.
لم أسمع أو أقرأ يومًا أن هناك قاعدة معلومات رصدها اتحاد الكرة أو رابطة دوري المحترفين في سبيل تطوير اللعبة وتوفير بيانات وتحليل رقمية للعب يمكن الرجوع لها كمصادر رسمية تتحلى بالموثوقية بعد أن أصبحت الرقمنة مفتاح النجاح للكرة، وعلمًا لا يمكن التفوق دون التحاليل الرقمية والإحصائيات الفردية أو الجماعية.
اتحاد الكرة الألماني التي تعتبر بلاده أحد معاقل الكرة، خرج من عباءة الكرة التقليدية بكافة تفاصيلها واعتمد على ثورة جديدة ترتكز على تكنولوجيا المعلومات، بإنشاء أكاديمية رقمية في عالم الكرة تتناول كل ما يخطر على بالك في مجال كرة القدم فنيًّا وتكتيكيًّا وتكنيكيًّا ولياقيًّا وطبيًّا، وغيرها لتصبح الدولة الأولى التي تحتضن مثل هذا المشروع الكبير الذي وصفه أحد الرياضيين بأنه مشروع القرن، وأنه لن يقل أهمية عن وادي السيليكون بالنسبة لتكنولوجيا المعلومات.
مباراة أمس التي جمعت قطبي الكرة النصر والهلال تمثل بنكًا للمعلومات وكمًّا كبيرًا من البيانات والأرقام التفصيلية على صعيد الحضور الجماهيري واللاعبين والمدربين واللعب التكتيكي والجوانب المهارية والفرص والاستحواذ ومهارة اللعب والتمرير واللياقة، وغيرها خارج الملعب يمكن من خلالها تحليل بياناتها وتفاصيلها الدقيقة، لكننا لن نخرج منها سوى بعدد الحضور الجماهيري ونسبة الاستحواذ لكل فريق وعدد البطاقات الصفراء والحمراء والفاولات، وهذا غيض من فيض كما يقال.
اتحاد الكرة ورابطة دوري المحترفين عليهما تبني هذا المشروع للخروج بتصور فني يعتمد على الرقمنة في عالم كرة القدم للفرق والمنتخبات وليست المشاعر والانطباعات الشخصية والإنشائية.