2019-10-26 | 22:58 مقالات

الحارس بطل

مشاركة الخبر      

مرّت على عالم كرة القدم أجيال متوالية من حراس المرمى الذين رفضوا التسليم بأن الثناء والشهرة من حق المهاجمين أصحاب المهارات والأهداف الحاسمة، ما قاد بعض الحراس إلى انتزاع شعبية توازي مشاهير الهدافين من خلال التصدي للكرات ومنع اللاعبين من الوصول إلى المرمى.
الصراع بين الحراس والمهاجمين مستمر حتى ينتهي العالم من دحرجة الكرة، غير أن ختام حياة الحارس غالباً ما يمسح جزءاً مهماً من تاريخه، على عكس اللاعب الذي ينسحب من الملاعب بهدوء دون أن تتذكر الجماهير آخر لمساته، من هؤلاء حارس المنتخب السعودي أحمد عيد الذي انتزع النجومية من المهاجمين طوال مسيرته، قبل أن يرتطم بالقائم ويتمسك بالشباك في ظهوره الأخير خلال مباراة الاتحاد والأهلي عام 1979، وأيضًا محمد الدعيع صاحب النجومية اللافتة، حين اختار لاعب الاتحاد محمد نور أن يودعه بطريقته الخاصة، وغيرهما كثير.
في الوقت الراهن بدأ الصراع بين الحارس والمهاجم يتخذ شكلاً جديداً بعدما أصبحت ميول عشاق الفريق تتحكم في وسائل التواصل الاجتماعي بالثناء على لاعب معين أو مهاجمته بطريقة لا تحكمها قواعد ولا معايير، ومن أكثر الأمثلة مطابقة ما يتعرض له حارس الاتحاد فواز القرني من انتقادات حين يتلقى مرماه ثلاثة أهداف، بينما يتجاهل المنتقدون أنه منع 15 هدفاً محققاً وأن خطي الدفاع والوسط السبب الرئيس وراء الفشل.
في الهلال انقلبت الآية بعد مباراة السد الأخيرة، وأصبح لاعبو الدفاع على لائحة الاتهام، بينما نال الحارس عبد الله المعيوف لقب "البطل" وهو الذي تلقت شباكه أربعة أهداف من سبع محاولات خطرة، ومع أن الهلال لم يكن في أحسن حال، إلا أن رغبات المشجع لا تعترف بحجب اللقب حتى إن لم يكن هناك من يستحقه.
للمشجع العاشق أفكاره وقناعاته ذات التأثير المحدود على الملعب، غير أن انتقال العدوى للمسؤول كفيل بإعطاب الفريق، وهذا ما يحدث في الهلال الذي نجح في إبرام أفضل التعاقدات، وأغفل البحث عن حارس مرمى مؤثر، لمجرد أن الجماهير تراهن على المعيوف، والأدهى أن غياب هذا الحارس بات بمثابة ضربة موجعة، لاعتبار أنه أفضل الحراس حالياً في قائمة الفريق.
وتظهر سوق الانتقالات تسابق الأندية العالمية على التعاقد مع حراس المرمى، بدرجة توازي البحث عن مهاجم هدّاف، وكلاهما أصبح عملة نادرة تتطلب رصد موازنة مالية خاصة، بعيداً عن حسابات التوفير للبحث عن لاعب يحرز الأهداف، وإهمال من يتولى صدها عن مرمى الفريق.