2019-12-12 | 02:35 مقالات

قراءة جديدة لـ «أليس في بلاد العجائب»!

مشاركة الخبر      

ـ القراءة أولًا!. الكتابة أتت فيما بعد!. من هنا بدأت “أليس” الدخول “في بلاد العجائب”. كانت أختها منهمكة في قراءة كتاب بلا كلمات وبلا رسوم أو صُوَر. “أليس” التي ألقت نظرتين إلى الكتاب، وظنّت أنه مُمِل وبلا فائدة، احتاجت لنظرة ثالثة لتقرأ كل شيء تقريبًا!.
النظرة الثالثة أدخلتها عالم العجائب عن طريق الأرنب الذي تشكل في خيالها قافزًا من الصفحة البيضاء، الصفحة التي وبسبب فراغها من الكلمات، وخلُوّها من الصُّوَر، هيّأت لدى “أليس” رغبة في النهوض لصنع باقة من الأزهار، وأشعرتها بمتعة مثل هذا العمل!.
ـ “أليس” قارئة موهوبة!. من اللاشيء قرأت المتعة في النهوض لصنع باقة ورد!. “أليس” هذه مخبّأة في قلب وعقل ووجدان كل قارئ موهوب: أنت بأهميّة ما تقرأ، وأنت أهم ممّا تقرأ!. لا يمكن لما تقرأه أن يمنحك معنى إلا بعد أن تمنحه أنت معنى ما!.
ـ في كل عمل فنّي هناك قطعة حلوى صغيرة واحدة على الأقل، تقول لك: “التهمني”!. مع وعد منها “أو أمل منك” في أن تُغيّر من حجمك!. ولقد وجدت “أليس” هذه القطعة من الحلوى، وكما يعرف كل من قرأ الحكاية، صارت “أليس” أطول وأقصر وأضعف وأقوى وأدقّ وأغلظ ممّا هي قبل وخارج القراءة مرّات عديدة!.
ـ يُمكن لنا قراءة “أليس في بلاد العجائب” على أكثر من شكل، والتوجه بها ومن خلالها وفيها، إلى أكثر من وجهة!. وفي هذا تكمن عبقرية “لويس كارول”!.
ـ قبل أيام أعدت قراءة “أليس في بلاد العجائب”. في هذه المرّة وجدته كتابًا عن طبيعة القارئ، عن كيفيّة القراءة، التي يُمكن لنا معها وصف القارئ بالفنّان!.
ـ على المساحات البيضاء من الكتاب، رحت أخطّ ملاحظاتي، بتحريض من تداعيات الحكاية، وإن لم يكن فيها بشكل مباشر، أو بأي شكل!.
ـ الفنّان حتى حين يغرق بدمعه، فإنه لا يموت قبل أن يسمح لبُحيرة الدمع هذه باحتواء طيور كثيرة، تسبح أو تشرب من هذه البُحَيْرَة!.
ـ عندما نستيقظ لقراءة كتاب، ويكون حظّنا حسنًا بالوقوع على كتاب جيّد، فإن كل ما يمكن لنا معرفته هو ما كُنّاه عندما استيقظنا في الصباح!. ما حدث ويحدث منذ ذلك الحين هو أننا تحوّلنا، ونستمرّ في التّحوّل، عدّة مرّات!.
ـ كثيرًا ما يقودنا الغرور إلى أن نطلب من شخص أن يطرق الباب لنفتح، مع أننا وإيّاه على الجانب نفسه من الباب!.
ـ حين تكتب: “طار الصحن في الهواء، ولمّا وقع، تهشّم إلى ألف قطعة، بعد أن صدم إحدى الشجيرات”!. أكمل حكايتك، دون أن تلتفت لإمكانيّة وجود قارئ يُطالبك بالعَدّ!. هذا القارئ موجود، ولسوف يُطالبك فعلًا بِعَدّ القِطَع!، فإن لم تكن ألف قِطْعَة بالتمام والكمال صرتَ في نظره: كاذب!. مثل هذا ليس قارئًا بالمعنى الذي يليق بالأدب، إنه موظّف حسابات!. ليس من حقك، ولا تقدر، على منعه من قراءة ما تكتب، لكن من حقك الحذر منه، ومن واجبك تجاهله!.
ـ الوقت كائن حيّ. الموسيقى أكثر من يعرف ذلك!.
ـ واحدة من أهم مزايا القراءة: الشخصيّات في الرواية، ليسوا، في نهاية المطاف، سوى أوراق لعب!، مثلهم مثل الولد والبنت و”الشايب” في أوراق لعبة “البلوت”!، وليس علينا أن نخافهم!. في المقابل، لا يتوجّب عليك إتمام قصّة، ما لم يغريك الكتاب بقبول الخدعة، وبالتواطؤ الفنّي، بحيث لا تعود قادرًا على النظر إلى الشخصيّات باعتبارها أوراق لعب!. إن قلتَ أنهم ليسوا سوى أوراق لعب، ستتطاير الأوراق!.
ـ من أشدّ أنواع الكذب، وأكثرها دناءة، أن تقول الحقيقة منقوصة، وأن يكون الإنقاص متعمّدًا، والبتْر عن ترصّد!.
ـ الخيال قد يكون مضرًّا أحيانًا!. ربما تساوى المتشائم والمتفائل في الخيال وفي سعته، لكن النتائج فارقة فرق السماء عن الأرض!.