2019-12-19 | 23:13 مقالات

أين هذا الكاتب؟

مشاركة الخبر      

الكتابة الرياضية في الصحافة السعودية لا تخرج عن حالتين أو مشهدين أو اهتمامين لا ثالث لهما: مشجعين أو معلقين على الأحداث.. هناك من حاول الصمود طويلاً في البقاء بعيداً عن هذه الثنائية البالية، لكنه انهار فجأة وراح بحثاً عن جماهيرية الصدى والانضمام بقوة إلى حزب المشجعين، فصار متخصصاً في تناول قضايا فريقه المفضل وعلاج مشاكله وارتداء عباءة المحاماة عنه.
تأخر كثيراً وراء أقنعة المثالية وطال مكوثه خلف أسوار الذود عن هموم الصالح العام.. التشجيع والعشق ليسا عاراً ولا عيباً ولا مخالفة أخلاقية أو إنسانية، لكن المخزي فعلاً وحقاً هو محاولة العيش سنوات داخل الخديعة الكبرى.. لا أتكلم عن القياديين في الصحافة، لأن من مثلهم تمنعه أساسيات المهنة أولاً وأخيراً في الدخول وسط هذه المعمعة المزعجة.. أتكلم عن من يكتب دون ضغوط ودون حسابات قصيرة أو بعيدة.. حاولوا واستماتوا وبحت أصواتهم ليقولوا إنهم متمايزون ومختلفون وليس لهم شأن أو علاقة مع تلك الصراعات التي غرق فيها أغلب المنتمين للوسط الرياضي، وإنهم يجلسون في مقاعد وثيرة وراقية وفي أماكن يمنع فيها الضجيج.. كانوا يريدون قيادة الهدوء لكنهم خسروا وانهزموا فما كان أمامهم سوى اللحاق بركب من يشاطرهم الميول، فدخلوا الزفة لعل غنائم المتابعين تطالهم قبل فوات الأوان.. تفتقد الصحافة الرياضية تحت مظلة “كل واحد له ميوله” الكاتب الصحفي الرياضي الذي لديه القدرة والاستعداد والإمكانيات لتقديم قراءة أسبوعية عميقة ومتفحصة لأهم حدث تشهده الساحة الرياضية.. هذا يحدث دائماً في السياسة والاقتصاد والأعمال والشأن المحلي.. في الصحافة الرياضية مئات الكتاب الذين تفرغوا فقط لتشجيع فرقهم والتغزل بإنجازاتهم والدفاع عن سقطاتهم، لكن لا أحد للأسف أو حتى دون أسف يفعل شيئًا آخر.. أين ذاك الكاتب الرياضي الذي يقدم لك كل أسبوع مقالاً يقرأ فيه المشهد الرياضي، متحرراً من أغلال حكايات الميول الباهتة وروايات الردود المستهلكة والنزاعات الجانبية المتهالكة..؟ هل هناك بين الرياضيين كاتب تبحث عن ما يقوله لتتعرف على الواقع وتلمس الحقيقة..؟ هل بينكم أيها الكتاب الرياضيون كاتب واحد فقط اختار الطريق المتزن الذي لا يسلكه أحد وإذا سار فيه لم يجد حوله سوى أرض خلاء موحشة خاوية على عروشها.. هل بينكم من لم تغره صيحات أناس تصفق على جنبات ذلك الطريق.. تصفق على كل شيء..؟! هل بينكم واحد فقط مثل هذا.. أين هو..؟