2020-01-09 | 23:21 مقالات

البرامج الرياضية.. «أن تجعجع أكثر»

مشاركة الخبر      

الجعجعة هي تلك الأصوات المجتمعة المتداخلة التي ينطبق عليها “أسمع جعجعة ولا أرى طحنًا”! وهذا باختصار عنوان أغلب مخرجات البرامج الرياضية والحوارية لدينا، التي تعتمد على أسلوب الإثارة والردح والآراء المتعصبة، وتفتقر لأبجديات المهنية والاحتراف..
مجموعة من الضيوف سلاحها الجعجعة والصياح أسلوبها بالكلام والردود قائم على مبدأ إذا لم تكن معي فأنت ضدي: “عدوي اللدود” لا يعترفون بثقافة الاختلاف “الرأي والرأي الآخر”، التي هي ظاهرة صحية تدل على تمدن المجتمع واستقلاليته بالرأي والتفكير والقناعة..
وآليات استضافة لا تقوم على مبدأ “الجدارة والتخصص”، بل على العلاقات والمحسوبيات وميول الضيف لبث السموم وإثارة الفتن والقلاقل بالمجتمع الرياضي.. أتساءل كيف يتكاثر هؤلاء دون حسيب ورقيب؟! كل شيء تطور برياضتنا إلا الإعلام، القنوات كما هي والبرامج على ما هي، والضيوف حدث ولا حرج. أصبحنا قبلة العالم بنقل الأحداث الرياضية الكبرى واستضافة الفرق العالمية والرياضات المختلفة، بالمقابل لا يوجد نقلة إعلامية موازية لهذا التطور، نفس البرامج والضيوف ولا يوجد جديد ولا أعلم ما الذي يمنع استضافة محللين ونقاد على نفس المستوى العالمي الذي نستضيف به تلك الأحداث يضيف على المستويين الفني والتحليلي؟!
التغيير بشكل الاستديوهات مهم لمواكبة حدث عالمي، الكل سيشاهده ويحتاج أن يشعر بالجودة والفرق بين حدث محلي وآخر عالمي كالسوبر مثلاً، فأين نحن من التطور الإعلامي الذي تعيشه القنوات المجاورة؟! لن أعتب على إعلام يدار بعصا المجاملة والمحسوبية والواسطات؛ فالفرق واضح بين من يأتي للإعلام من بوابة الجدارة والأهلية ومن يأتيه من الباب الخلفي! هذا عدا ردح آخر الليل، البرامج الحوارية التي تصيب بالصداع ورفع الضغط وتفتقر للمهنية والحوار الهادئ الرزين الذي يضيف أبعادًا جديدة للمشاهد، يطرح ويفند ويحلل ويضع توصيات.. والمؤسف أنه كلما علت الأصوات وزاد الصريخ وتناطحت الرؤوس اعتبروه تميزًا واختلافًا، في حين أنه مجرد غث وغثيان. المشاهد أصبح واعيًا ومدركًا ويملك ثقافة ومعلومة وبحاجة للإقناع بالجديد والمفيد والتحليل البعيد عن التعصب وتصفية الحسابات.
أتمنى أن يعاد توجيه تلك البرامج التي هجرها العقلاء لغير رجعة وأصبحت مرتعًا للمتعصبين، وأن تعاد هيكلتها بتخصص ومهنية واحترافية بعيدًا عن أساليب “السوق عاوز كده” من إثارة مصطنعة وتصدير للاحتقان والتعصب والطرح الفوضوي الارتجالي. نحتاج لإعلام يواكب النقلة التي نعيشها.. إعلام راق متطور يخاطب العقل قبل العاطفة، ويسعى للمصلحة العامة فقط.