رئيس التحرير
لا يختار الكُتّاب
على عاتق رؤساء التحرير مسؤوليات ومهمات وهموم كبيرة.. صداع لا ينتهي طوال اليوم وطوال الأسبوع وطوال العام.. والحديث باستفاضة عن هذه الزاوية سيستولي على المساحة لمدة طويلة.. أكتفي هذه المرة بتوضيح ما يمكن توضيحه عن علاقة رؤساء التحرير مع الكُتّاب.. بالطبع لا أعني رؤساء تحرير الصحف الرياضية فحسب..
أول ما يجب معرفته وإدراكه هنا أن كتاب الصحيفة ليسوا جميعهم أسماء مفضلة وأقلامًا ساحرة بالنسبة لمزاج رئيس التحرير.. ربما رئيس التحرير يفضل كاتبًا أو كاتبين أو ثلاثة من بين كتاب جريدته، لكن البقية جاؤوا وكتبوا لظروف وعوامل متباينة.. أحياناً يكتب في الجريدة ولا يستسيغ أسلوبه ولا يرى فيه وجهاً يستحق تصديره للقراء، لكنه يضطر لأن يضمه إلى جوقة الكتاب، إما بسبب شهرته وسمعته وتأثيره بين من يتولون مهمة الكتابة الصحفية، أو أن رئيس التحرير وجده ضمن الإرث والحرس القديم للصحيفة، فلا يريد إزاحته لمجرد أنه لا يعجبه.. لو كان رئيس التحرير يبقي فقط على من يعجبه من كُتاب صحيفته، فقد لا يبقي بينهم إلا كما قلت اثنين أو ثلاثة.. ربما هناك كاتب آخر يطالب به القراء فهذا أيضاً دافع وباب مفتوح أمام رئيس التحرير ليستقطبه ويفاوضه ليكون بين الكتاب.. قبل سنوات بعيدة وهنا وفي هذه الجريدة، كنت محرراً متعاوناً، وسمعت أن رئيس التحرير يفاوض أحد الكُتاب، فذهبت لرئيس التحرير حينها وقلت له: “هذا كاتب متعصب للغاية، وأنا بالنسبة لي لا أحب أن يستظل اسم بهذه الصفات الفجة باسم “الرياضية”.. فقال لي وبكل وضوح: نحن نتفاوض معه ليس لأنه كاتب عقلاني، بل لأنه كاتب متعصب للغاية.. أحياناً في أجواء الكتابة الرياضية تحتاج إلى تقديم نوع ما تريده الجماهير وهذا الكاتب هو مطلبهم.. طالما عندنا متعصبون يميلون لأندية أخرى، لأن أجواء “الرياضية” يغلبها أن من لا يشاطرك الميول فهو متعصب بغض النظر عما يقوله أو يكتبه.. ولهذا فنحن نقدم لكل مزاج ما يهواه”.
هذه الحادثة لخصت لي وبسهولة كيف يأتي الكُتاب إلى الصحف..
الذي أريد قوله إن الكتاب مهما تعددوا وتنوعوا فلا يمكن أن نحمل مسؤولية وجودهم لرئيس التحرير كما نحمله أي تبعات أخرى..
الكُتّاب جزء مهم في أي صحيفة، وأحياناً يصبح كاتب وحيد هو الذي يربط القراء بهذه المطبوعة، لكن الذي أسعى فقط للوصول إليه هنا هو القول بأن الكتاب كثروا أم قلوا ليسوا سوى أدوات صحفية تفرضها أشياء لا يمكن حصرها وربطها فقط بذائقة رئيس التحرير.. إذا كنت كاتباً صحفياً فلا تعتقد أو تتيقن أنك قلم فذ، ورئيس التحرير يراك ألمع من يكتب..
هذا وهم وخيال.. تخلص منه يا صاحبي..