2020-05-17 | 00:11 مقالات

ما يطلبه المشاهدون

مشاركة الخبر      

تصاعد الجدل خلال الأيام الماضية بشأن تأثير الإعلام السعودي في الشارع العربي، بعدما تبارت الآراء في تشخيص الحالة قياساً على المنصات المعادية التي تعمل ليل نهار لتشويه موقف الرياض من القضايا المهمة وغير المهمة، ويرى بعض المنتقدين أن المنصات الإعلامية الرسمية وشبه الرسمية لا تقوم بدورها في الدفاع عن سمعة السعودية، ولا تملك تأثيراً يمكن الاعتماد عليه في إيضاح الحقيقة.
اللافت أن أغلب الآراء الناقمة، تدور حول السعودة وضرورة إقصاء العنصر العربي والأجنبي من مؤسسات الإعلام السعودي، فضلاً عن أهمية التركيز على الخبر المحلي وتحويله إلى محور الكون، كما يوصي أصحاب هذه الآراء بأن تهتم المنصات السعودية المتواجدة في دبي أو لندن مثلاً، بالتركيز على اهتمامات المتلقي المحلي ليصبح محتوى الرسالة الإعلامية سعودي من بابه إلى محرابه، هذا على افتراض أن اهتمامات هذا المتلقي لا تتخطى حدود الوطن.
هذه المطالبات لا تتوقف في وسائل التواصل الاجتماعي، مع أن مضمونها يكفي للإجابة على تساؤلات أصحابها، إذ لا يمكن لإعلام “متقوقع” وغارق في نطاقه المحلي أن يؤثر في محيطه الخارجي، ولا يمكن للإعلام الموجه نحو العالم أن يسير على نهج المنصات المحلية ليتخلى عن مهمته الأساسية في الوصول إلى أبعد مدى، وربما كان هذا من أسباب فشل كثير من الأقسام العربية في الإذاعات العالمية، التي اعتمدت على ترجمة الأخبار المحلية الألمانية أو الفرنسية دون اعتبار لاهتمامات المتلقي العربي، والعكس تمامًا في التجربة الناجحة في هيئة الإذاعة البريطانية.
الوصول إلى الجمهور والتأثير في اتجاهاته يتطلب عناية باهتماماته وقضاياه، وحين تخاطب منصة إعلامية الشارع العربي من خلال أزمة أسعار الدواجن في القصيم، فالتأثير سيبقى محدوداً بقدر اهتمام المتلقي في تونس أو المغرب بسوق الدواجن السعودية التي لا تصل إلى بيته ولا تعنيه، ومن غير المنطق تأسيس كيان إعلامي في الخارج لتكون مهمته مخاطبة الناس في الداخل، خاصة أن هذه الكيانات تتمتع بإمكانات وتقنيات عالية من شأنها أن تؤدي دوراً مؤثراً في خدمة الهدف الذي تأسست من أجله.
لن يقف الجدل ولكن تبقى رهانات الإعلام السعودي “الموجه” بحاجة إلى الاهتمام بالبعد العالمي والانفتاح على شعوب أكثر وعياً وتأثيراً، خاصة أن الاهتمام بمخاطبة الغوغاء في الشارع العربي بات مضيعة للوقت، ومن غير الانصاف أن تقاس فاعلية الإعلام الموجه بناءً على تأثيره في إقناع المجموعات الغوغائية التي لا تعقل ولا تتدبر.