2020-07-18 | 22:39 مقالات

اهتمامات سعودية

مشاركة الخبر      

على مدى 40 عاماً ساهمت وسائل إعلام عربية في تشكيل ذائقة المتابع ومنحه خيارات بديلة لمنتجات الإعلام الرسمي المكبل بالمحاذير والبيروقراطية، واللافت أن هذه الوسائل المستقلة كانت ترتبط برأس المال السعودي بطريقة أو بأخرى دون أن تكون هذه النقطة يوماً محور الاهتمام، ما جعلها تقود الرأي العام في الشارع العربي لسنوات طويلة، من خلال مخاطبة الناس من الخليج إلى المحيط بالدرجة نفسها من الاهتمام.
مع مرور الوقت بدأت وسائل الإعلام المستقلة ذات الملكية السعودية تتراجع وتفقد تأثيرها بسبب الانكفاء على الداخل وإهمال الشأن العربي، مع أنها تتخذ من بلدان أوروبية وخليجية مقراً للبث والنشر، حتى بلغ الأمر التركيز على أخبار مغرقة في الإقليمية، وتحويل المضمون من عربي إلى محلي يتناول بصفة مستمرة شؤون الإبل في الصمّان من استديوهات لندن ودبي.
تبدل الحال في السنوات الأخيرة وأصبحت هذه الاستثمارات بمقياس الربح والخسارة كيانات مفلسة بعدما فشلت أمام مؤسسات عربية التقطت الفكرة الصحيحة ووظفتها في إطلاق وسائل إعلام تسيطر حالياً على الرأي العام العربي، وتسوّق أجندات سياسية بطرق يغلفها الدهاء الإعلامي.
النجاح الذي حققته الاستثمارات السعودية في لندن منذ السبعينيات لم يأت صدفة، لأن الجيل الأول من القيادات الإعلامية كان يمتلك من المهنية والإدراك ما منحه تشكيل الرأي العام لسنوات طويلة، بعيدًا عن التأثر بانتقادات هدفها التشويش على الفكرة وتحجيم دورها، بينما نجد في أداء الجيل الحالي تفسيرًا للتراجع الذي بدأ منذ أعوام، خاصة أن بعض مسيري الإعلام الجدد لا يدرك حتى الآن الفرق بين وسيلة إعلام محليةوأخرى موجهة نحو الخارج، وهذا يرجع غالبًا لقصور مهني نتيجة عدم الاطلاع، تبرهنه تغريدات بعضهم المليئة بالأخطاء الإملائية، وهذه الأخطاء تعطي مؤشرًا بأن صاحبها لا يقرأ، ومن لا يقرأ فهو غير مطلع، وبالتالي لا يملك القدرة على التفكير الصحيح واتخاذ القرار المناسب.
من أوجه الفشل أن يصوب أحدهم مدفعًا لاصطياد العصافير بدلاً من المدرعات، وهذا ما يفعله الآن جيل من الصحافيين الذين وصلوا إلى وسائل الإعلام الدولية بقضايا “سعودة سوق الخردة”، ومخاطبة العالم الخارجي بتقارير عن كثرة المطبات في شوارع بيشة، وبراعة سيدة سعودية في تقطيع البامية.. ربما كانت هذه قضايا مهمة في ذهن كاتبها، لكنها لا تعني شيئًا للعالم الخارجي، بل تجعل المتابع يتجه نحو منصات منافسة ليس من بين اهتماماتها على الأقل كيفية تعامل حجاج الشيباني مع ناقته.