2020-07-28 | 22:28 مقالات

المعلقون العرب ومدرسة «الصراخ»

مشاركة الخبر      

زوجان يتابعان مباراة في إحدى البطولات الأوروبية، بينهما طفلتهما في الخامسة من عمرها تنعم بأحلام وردية مبتسمة.. الزوج أمتعض من صراخ المعلق في كل كرة حتى ولو كانت في المنتصف.
ترد عليه الزوجة بأن صوت المعلق يرفع من حماس المباراة، سكت الزوج غير مقتنع لكن سرعان ما أطلق رؤوف خليف صرخة قوية دخلت في أذن الصغيرة لتقض منامها باكية بعد أن وصل صوته إلى أحلامها وبدّلها إلى كوابيس، فقفزت باكية، لتحتضنها الزوجة وتقول للمعلق المزعج: “حسبي الله ونعم الوكيل عليك”.. الزوج ابتسم.. انتصر دون خوض معركة..
سؤال بسيط.. من الشخص الذي قال بأن الصراخ هو رخصة التعليق الرياضي؟ ومن أسس لهذه المدرسة في “كابينات” التعليق العربية؟
ليس هناك إجابات محددة، ولكن نردد مقولة الزوجة “حسبي الله ونعم الوكيل” على من رسّخ مفهومًا بأن الصراخ أساس التعليق..
كرة القدم لعبة حماسية وتفرز تفاعلات كبرى، وهنا لا أقول بأن المعلق عليه أن يتحول إلى مذيع في استديو ويحاور المباراة، فمن البديهي أن يتفاعل ولكن هل يعقل أن يصرخ في أي كرة أو هجمة حتى لو كان اللعبة لا تستدعي صوته “الجهور” المزعج..
كل شيء تطور في كرة القدم، “الفيفا” يقدم قوانين جديدة وشركات الملابس الرياضية تتحفنا بالجديد في الأحذية والأطقم، والعشب الطبيعي اختلط بالصناعي، والمدرجات أصبحت بالأرقام، وروابط المشجعين أضحت أكثر طربًا، والنقل التلفزيوني حدث ولا حرج والاستوديوهات المصاحبة ضمّت أفضل النقاد، ولكن المعلقين بقوا على حالهم.. فلا جديد يقدمونه.. الصراخ مستمر..
سألت أحد المعلقين عن طقوسه قبل تعليقه على المباراة، فأجاب بأنه يفتح جهاز “اللاب توب” ويبدأ بالدخول إلى محرك البحث جوجل”.. أسعدني بما ذهب إليه، فالمطلوب هو التحضير الجيد للمباراة من خلال القراءة عن دهاليزها، فما فائدة بأن يقول ركل اللاعب الكرة وهم يشاهدونها “مركولة”..
المعلق العزيز خيّب ظني، وذكر بأنه يكتفي بأسماء لاعبي الفريقين والحكام التي توزع في الملعب، وبعدها يمسح “المايك” وينطلق في إزعاج المشاهدين، مبينا أن سبب دخوله إلى “جوجل” هو للبحث عن أفضل المشروبات التي تجعل صوته جهورًا.. ليصرخ بقوة..
المعلقون الأجانب يتبعون مدرسة المعرفة وليس الصراخ، ولنقل الغالبية منهم، ولكن من يصرخ فاطلبوا منه الـ DNA فستجدون بأن العرق العربي طاغٍ، فهم يقدمون ما لا نعرفه أو تلتقطه عدسات الكاميرات، فدخولهم إلى عالم الإنترنت من أجل جمع أكبر قدر من المعلومات القيمة، وليس للبحث عن أهمية شرب “الينسون” من أجل الصراخ..