سماح قلب وسماح عقل!
- علّمتني التجارب مُسامحة من يقول كلامًا موحشًا وظالمًا في حقّي مرّة واحدة أو حتى مرّات لكن في وقت واحد!.
- قد لا تقبل نفسي التعامل معه، وفي هذا تعنّت منّي وعليّ أن أدرّب نفسي، وأن أستمر في تدريبها، للتخلص من صلفها هذا. لكنني أسامحه متفهّمًا، أو مقدّرًا، أنه ربما قال ما قال تحت تأثير حالة نفسية سيّئة أو مزاج متكدّر، فأنا مقتنع برؤية “مونتين” الفلسفية: “يُمكن أن تتغيّر وجهة نظرنا بشأن الحياة كليًّا بفعل عمليّة هضم غداء ثقيل”!.
- لا أسمّي ولا أُصنّف مثل هذا الإنسان كارهًا أو مُبغضًا. دعك من العداوة، فالوصول إلى هذا المستوى صعب!. لكني أرى أن حتى تصنيف إنسان ما بأنه مُبغِض إنما هو أمر يحتاج منه لعديد من المحاولات ولزمن طويل نسبيًّا!.
- يتوسّع لي فهم الآية الكريمة: “إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ”. فأكتب: يُمكن لأشجع الناس أن يجبن في لحظة، ولأكرم الناس أن يبخل في لحظة، ولأحلم الناس أن يستشيط غضبًا في لحظة، ولأعدل الناس أن يجور في لحظة، ولصاحب “المواجيب” أن “يُقصِّر” في لحظة، ولا أتحدث هنا عن لحظة مُبرّرَة ولها أسباب مقنعة أو ظروف تجعل من استدعائها أمرًا طبيعيًّا، بل أتحدث عن لحظة خالية من الأسباب والحُجج والمبرّرات، لحظة وكفى!.
- وأرى أنه ليس من المروءة، وليس من الإنصاف الرّحيم، أن يتمسّك أحدنا بهذه اللحظة مقيمًا عليها حكْمًا نهائيًّا على الآخَر!.
-بالنسبة لي، الجميع مُسامَح لوجه الله، لكني أُفرِّق بين سماحين!. أمّا الأول فهو سماح قلب، وهو يخص كل من أساء وتمادى، وربما لا يزال، وربما سيستمر!.
- أمّا الثاني، فلا أعتبره سماحًا إلا بشكل مجازي، وأسميه سماح عقل، وهو يخص كل من ارتكبوا في حقّي خطأً عابرًا أو هفوةً لم تتكرر، حتى لو كان ذلك الخطأ مقصودًا، وحتى لو كانت تلك الهفوة مترصّدة، دون حاجة أي من هؤلاء لاعتذار من أي نوع!.
- ذلك أن التوقّف عن الإساءة إنما هو اعتذار خفيّ، وهو بالنسبة لي اعتذار كريم مُتَقَبّل!.
- وأطلبكم جميعًا، كرمًا وفضلًا منكم، العفو والسماح..