مُدَاخَلَة!
- ذات يوم، احتفى برنامج إذاعي بشاعر جميل، لديه من اللمحات الإبداعية مُدهِشات. أخذ الاحتفاء شكل الحوار مع الشاعر نفسه، مع مداخلات هاتفيّة من شعراء آخرين يتحدثون عنه.
- معلومة إضافيّة “أولى” تُغيّر من عادِيّة الحدث: كان الشاعر المبدع يومها مُصابًا بالمرض الخبيث، وفي مرحلة ليست جيّدة أبدًا منه. معلومة “ثانية”: كانت تلاحق الشاعر تُهمة ظالمة، مريضة ولا تقل خبثًا، تأتي، حين تكون في أخفّ حالاتها، على شكل تهمة صحفيّة بتقليده لشاعر كبير ومبدع آخر لا يُجارى في موهبته وعطائه، وحين تكون في أثقل وأخيب وأسمج حالاتها، فإنها تأخذ شكل التهمة بشراء القصائد من ذلك النجم المبدع الكبير!.
- تداخل في هذه الحلقة الإذاعية، شاعر وصحفي وكاتب معروف. قال كلامًا، يستحقه الضيف بجدارة، لكن الشاعر الصحفي الكاتب، زاد!. لم يكتفِ بنفي تهمة شراء القصائد، ولا حتى برفض تهمة تأثّر الضيف بالمبدع الكبير، زاد!، وقلّل من قيمة المبدع الكبير لصالح الضّيف!. أذكر من هذه الزيادة الظالمة، قوله: لدى شاعرنا “ضيف الحلقة” ما لا يقدر فُلان عليه!.
- كان الشاعر الصحفي الكاتب، صديقًا خاصًّا للمبدع الكبير، ولا شكّ أنّ الحالة الصّحيّة للضيف أسهمت في تفخيمه لنتاجه على حساب صديقه النجم المبدع الكبير!. لم يُعاتبه صديقه، فقد كان يتفهّم الوضع تمامًا، وربما لو كان هو نفسه من ضمن المتداخلين يومها لقال ما هو أكثر!. والآن نأتي للمعلومة “الثالثة”!.
- لا أحد، يُمكنه معرفة الغيب والمكتوب. ما حدث بعد ذلك بسنوات قليلة: كتب الله، بحمده وفضله، لذلك الشاعر المبدع المريض، الشفاء من مرضه والانطلاق نحو حياة جديدة. في حين انتقل إلى رحمة الله تعالى النجم المبدع الكبير الذي لا يُجارى في مجاله، والذي تم الإجحاف بحقّه في ذلك الحوار الإذاعي!.
- الأقدار علمها عند الله سبحانه، ومهما وثق الإنسان من معلومات الطب أو غيرها، ومهما ظنّ الإنسان بإمكانيّة معرفته بما سوف يحدث، فإنه جاهل جهول!. والجهل يُوقِع في الظّلم والإجحاف لا محالة!.
- كلّما تذكّرتُ ذلك اللقاء، شعرتُ بحسرةٍ وندم وخجل، ممّا قيل ليلتها!.
المعلومة “الرابعة”: كنت أنا ذلك الشاعر الصحفي الكاتب الذي قام بتلك المُداخَلَة!.
- المعلومة “الخامسة”: مساعد الرشيدي هو النجم المبدع الكبير الذي قلّلتُ من تجربته، ليلتها، لصالح الشاعر الضيف، الذي كان، ولا يزال، أهلٌ للإطراء ويستحق الإشادة، لكن دون الحاجة أبدًا لقول: مساعد الرشيدي لا يقدر على كتابة مثل هذه الصّور الشعريّة التي يكتبها شاعرنا!.
- نسيتُ الحكاية لأنّ مساعد بسماحته وكرمه أنساني إياها!. قبل يومين فقط، تذكّرتُها، ولم أقدر على التّخلّص من ثقلها، ولا من حرجها، قلتُ: أكتبها، علّ وعسى أن يُخفف ذلك من حُرقة قلبي!.
- مساعد: هل كنت متفهّمًا لموقفي حقًّا؟! هل سامحتني حقًّا؟! أم آثرتَ الصداقة وعِشْرَة العمر على تلك الهفوة فلم تلتفت لها؟!. يا حسرة قلبي إن ظلّ في قلبك شيء منها لا أعلمه!.