جولات وجوّالات!
- قبل يومين، نشر الزميل والصديق العزيز عبد العزيز النصافي، في تويتر، تعليقًا لنجيب محفوظ حول قصيدة “المهرولون” لنزار قباني، وفي التعليق: “قصيدة قويّة جدًّا، وقنابل تفرقع في عمليّة السّلام من دون أن تقدّم بديلًا عنها!،..، لقد أعجبتني رغم اختلافي السياسي معها!،..، قصيدة قويّة وموقف ضعيف”!.
- فتذكّرتُ حكاية مُقاربة: قبل سنين طويلة، أيام الحرب العراقيّة الإيرانيّة، حضرتُ مع صديق العمر مسفر الدّوسري “شافاه الله وعافاه” في الكويت، أمسية للشاعر العراقي الكبير عبدالرّزّاق عبدالواحد. بالنسبة للحرب كنّا ضدّها، وبالنسبة لصدّام حسين كنّا نراه ديكتاتورًا مستبدًّا، وبالنسبة للشاعر عبدالرزاق عبدالواحد كنّا نراه شاعرًا عظيمًا!. كان وسيظلّ!.
- المشكلة كانت أن عبدالرزاق عبدالواحد هو شاعر صدام حسين!. كان، تقريبًا، يعيد، أو يريد أن يعيد صياغة مشهد المتنبّي مع سيف الدولة!.
- المهم، كنّا هناك وحضرنا الأمسية، وقرأ عبدالرزاق عبدالواحد شعره الفخم بصوته الرّخيم. قبل أن تنتصف الأمسية، أحسستُ بيد صاحبي تضرب كتفي كأنها تطرق بابًا، التفتُّ إليه، فهمس لي: “أقترحُ أنْ نخرج حالًا، بقي لهذا الشاعر ثلاثة أبيات، بعدها سَنُحِبّ صدّام حسين لا محالة”!.
- حاولنا الخروج فلم نقدر، كان الشعر يتدفّق بأسطوريّة!. أكملنا الأمسية بنشوة عجيبة. خرجنا، ودخل صدّام حسين الكويت محتلًّا!.
* * *
- يعرف الأبناء الفرق بين الحرامي الصغير والفاسد الكبير!. وصيّة الحرامي الصغير لولده: ظلام الليل الحالك، حيث الناس نيام، والحركة في الشارع قليلة أو معدومة، هذا وقتك يا ولدي!. وصيّة الفاسد الكبير: لا تسرق في ظلام، الأضواء تُعمي أكثر!.
* * *
- لا أدري لماذا ترددتُ في إبداء عجبي منه، لو كان الأمر جيدًا أو جميلًا، لقلت: إعجابي به، لا عجبي منه!. كان أمره عجبًا حقًّا. رأيته “يحطّ في ذمّته” مع أنها كانت ممتلئة على الآخر!.
* * *
- أيام جولاتنا، كنّا نعيش اللحظة أولًا، ثم نتذكّرها.
أيام “جوّالاتنا” صرنا نتذكر اللحظة أولًا ثمّ نتوهّم أننا عشناها أو نعيشها!.
- بجوّالتنا، صار لجولاتنا اسم آخر: تجوّالات!.