حب الوطن
وكره السياسة
مَن يدخل عش “السوشال ميديا” عليه أن يتحمَّل “لسعات” الحمقى، وتختلف درجة اللسعة بحسب الحماقة. بعضها قد يكون على هيئة سؤال، يفرِّغ كل طاقاتك “المتَّقدة”، فتهرب من العالم الافتراضي، لكنك قد تواجه السؤال ذاته واقعًا من الأحبة قبل الأعداء في المجالس، أو الشارع.
فرحنا جميعًا بالمصالحة الخليجية، وإذابة الخلاف بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر. الصور التي وصلتنا من العلا بدايةً بترحيب الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بالشيخ تميم بن حمد، أمير قطر، في المطار وتجولهما في المركبة في المحافظة الأعجوبة، صنعت يومنا بهجة..
ووسط التفاؤل الكبير الذي نعيشه بعد المصالحة الخليجية، وتفاعل المغردين في وسائل التواصل الاجتماعي معها، مرحِّبين بها، يأتيك أحدهم ليوجِّه سؤالًا “لاسعًا” فيقول: “ما هو موقفكم الآن بعد المصالحة وجريان الماء في عروق المحبة بين الجيران؟”..
هنا لن أجيبه، بل سأكتفي برد الأمير الشاعر عبد الرحمن بن مساعد، الذي اختصر الموضوع في تغريدتين، جاء فيهما..
“سؤال يُطرح ببجاحة على مَن تصدّوا للدفاع عن بلدهم: والآن ما هو موقفكم بعد الصلح، ألم يكن الأجدى السكوت ولزوم الحياد؟”..
هذا كمَن يسأل جنديًّا في معركة تخوضها بلاده: لماذا لا تلقي سلاحك وتتوقف عن الدفاع عن بلدك وتكون محايدًا، كون هذه المعركة التي تخوضها الآن ستنتهي يومًا ما؟! وبالمناسبة هذا منطق ينطبق على طرفَي الأزمة فلا يمكن أن يُسأل مَن يدافع عن “وطنه” لماذا تفعل ذلك؟ لا سيما إن كان هذا الدفاع بعيدًا عن الفحش في القول، والخوض في الأعراض.
سأظل أدافع عن بلادي في أي نزاع، ولو دام ساعةً من نهار، وسأظل حربًا على مَن حاربها، وسلمًا مع مَن سالمها أيًّا كان، وفي كل آن تحت بيرق سيدي سمعًا وطاعة. نحن مع ولاة أمرنا فيما يرونه، وولاؤنا لهم مطلق، وبيعتنا لهم دائمة، ونسأل الله أن يحفظ بلادنا، ويحفظ الخليج العربي وجميع دوله، ونسأله أن يؤلف بين القلوب، ويزيل كل ما يؤدي إلى الفرقة والشقاق..
ختامًا: “أنا فخور جدًّا ومتشرِّف بكل موقف اتخذته في الدفاع عن بلادي”..
أعتقد أن الأمير الشاعر كفى ووفى فيما يخص القضية والتعاطي معها، لكن استوقفتني إجابة أحد هؤلاء الحمقى في تويتر عندما سألته عن موقفه في السابق فأجاب: “أنا أحب وطني وأعشقه، لكني أكره الخوض في السياسة”..
الدفاع عن الوطن بكافة الأشكال والذود عنه أكبر من الشؤون السياسية، أو الاقتصادية، أو المصالح الشخصية، فكلنا مع ولاة أمرنا سمعًا وطاعة.