فن الحب
وحب الفن!
-في الصداقة: يأخذك على “قدّ” عقلك. في الحب: يأخذ عقلك!.
-في الحب، كل الأحاديث مُلَمْلَمَة!. لكن، عن الحب، تصعب لملمة الحديث!.
-كل حكاية حب، هي حكاية الحب كلّه، وهي في نفس الوقت حكاية مختلفة عن أي حكاية غيرها!. لا تعبّر إلا عن نفسها!.
- بقدر ما هناك من قلوب عشقت وقلوب سوف تعشق، بقدر ما هناك من قصص حب وغرام!. ولكل قصّة ظروفها وشروطها ومواصفاتها وقوانينها ونتائجها وآثارها!.
-كل من هو في داخل قصّة حب، يمكنه النظر لقصص حبّه السابقة نظرة جديدة، ويحكيها بطريقة مختلفة عمّا كان يمكن لها حكايتها حين كان فيها وقبل أن يخرج منها!. لطاغور: “لا يرى الطفل وجه أمّه إلا بعد أن يخرج منها”!.
-حتى لو عاش ذات الإنسان مع ذات المحبوب قصّة حب ثانية بعد انقطاع طويل نسبيًّا عن قصّة الحب الأولى، فإنّهما سيعيشان قصّة حب جديدة، بمشاعر مختلفة، يظنّ كل واحدٍ منهما، أوّل الأمر، أنها مشاعر ممتدّة من خفقات القلب الأولى، وموصولة بأحاسيس الحكاية الأولى، لكنهما سرعان ما يكتشفان اختلافات جذرية في التفاهم والتواصل والقبول، وتغييرات حقيقيّة في النظر إلى الأمور، بل إلى المحبوب نفسه!. وبالتالي إلى الحب نفسه!.
-ما ينطبق على الحب، ينطبق على كل فن!. الحب اعتقاد والفن كذلك!. ربما كان “سيزان” أحد أفضل من ضرب الحصاتين معًا وأشعل العبارة التالية: “الأمر الوحيد الذي يصعب على المرء إقامة البرهان عليه هو ما يعتقده”!.
-وفي الجلسة الوحيدة التي حظيت بها مع الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي، سمعت منه: “الشعر؟! ليس هناك شيء محدد يمكن الذهاب إليه في هذا الأمر!. هناك أشعار رائعة كثيرة، مختلفة ومتباعدة، أتت وستأتي، وكلها تشكّل الشعر وتعيد تعريفه بمحو وبإضافة”!.
-مثل الجمال، ليس هناك مخلوق، أو شيء محدّد، يمكن الذهاب إليه والوقوف عنده في هذا الأمر، هناك أشياء جميلة كثيرة متعددة ومتفرّقة، وهناك نساء جميلات بعدد عيون عشّاقهن، وأكثر!. كما أن هناك وسامة رجاليّة بعدد عيون العاشقات، وأكثر!. كل هذا الجمع، بما سيأتي منه لاحقًا، يشكّل الجمال، ويعيد صياغة تعاريفه!.
-وحتى إن وجدت تعريفًا، للحب أو للفن، فإنك لن تجد المُعادَلَة!. والتعريف الذي لا يصل بنا إلى مُعادَلة، هو في حقيقته فن أو خليط من الفن والحب، لكنه أبدًا ليس علمًا!.
-يرى نزار قبّاني أن الشعر هو “الرسم بالكلمات”، وعلى هذا الأساس يرسم إسبانيا على النحو التالي:
“إسبانيا..
جسرٌ من البكاءْ
يمتدّ بين الأرض والسّماء”!.
فهل هذه إسبانيا؟ الجواب نعم ولا!.
-نعم، لأنّ الشاعر حين يكتب: يرسم!. ولأن الرسم في أصل وجوده بدأ عندما لاحظ الإنسان “أنّه إذا حرّك رأسه قليلًا إلى اليمين، فإنه يرى جانبًا ممّا أمامه مختلفًا عمّا قد يراه إذا حرّكه إلى اليسار!. وبوسع كل طفل أن يكتشف ذلك بأن يرقد في فراشه ويغمض إحدى عينيه على التناوب”!.
ما بين الأقواس، مأخوذ من كتاب “بيكاسّو: نجاحه وإخفاقه” لجون بيرجر، وهو يقول “نعم” بطريقته على سؤالنا “هل هذه إسبانيا؟!”. لكن وفي نفس الكتاب نجد أن “لا” حاضرة كإجابة موازية: “إحدى الصعوبات التي تُجابِه كلّ من يتصدّى للكتابة عن إسبانيا هو وجود عدة “إسبانْيَات” لا إسبانيا واحدة”!.