دس سم «المصالح» في عسل «العقل»
لا يمكن للقاضي أن يحكم بعاطفته وإلا لملأ المجرمون الشوارع، ولا يستطيع حكم المباراة أن يديرها بإحساسه وإلا لصنع للاعبيه المفضلين الأهداف، ولا لرجل المرور أن يجعل مشاعره تقوده في تطبيق القوانين والأنظمة وإلا لتحولت الشوارع والطرق إلى ميادين للمفحطين والمخالفين..
في الوسط الرياضي، وهنا أتحدث عن بعض الإعلاميين والنقاد، الأمر على النقيض تمامًا، فالعاطفة تتحكم بمخرجات المتحاورين بهدوء وقد تبتعد إلى أكثر من ذلك ويتحول الحوار إلى شجار، والعقل يبقى متفرجًا، طبعًا هو في إجازة طويلة.. وعندما يدخلون في نقاش حول ناديهم فيلبسون عباءة المحامي دفاعًا عنه، رغم أنهم لا يعرفون التهم المنسوبة إليه، وتخرج لمعة أنيابهم لينقضوا على خصومهم فيتحول الحوار إلى جدل لا ينتهي ولن ينتهي..
بعض الإعلاميين والنقاد يضيفون إلى جانب العاطفة بند “المصالح الشخصية”، وهنا المصيبة أعظم.. فالمتابع لهم يعجب بكلامهم وطرحهم وطريقة “صفصفتهم”، لكنه لا يعلم أن وراء الأكمة ما وراءها.
مرت علينا الكثير من المواقف المماثلة لهؤلاء الصحافيين، بل يكاد لا يخلو يوم منها، فهناك صحافي لا يستطيع أن ينتقد إداريًّا كونه صديقه الخاص، وآخر يحوّل اللاعب “المشاكس” إلى “ملاك” منزه من الأخطاء، ومن الصحافيين من يأخذ دور المدافع الصلب في الدفاع عن “رئيس النادي” صاحب الكوارث الإدارية، بحجة أنه عزمه يومًا على شاهي أخضر، لا أعرف ماذا سيقول عنه لو كان المشروب “كابتشينو”؟!! أتذكر أحد الأحبة جعل من مهاجم في أحد الأندية أفضل من ماجد عبدالله عندما احتدم النقاش، رغم أن مهاجمه في موسمه الأول، ولكن عرفنا فيما بعد أنه لبى عزيمته في أحد البوفيهات القريبة من النادي، فتوطدت العلاقة بعد “الساندويتش”..
يعلق أحد الصحافيين من ذوي الميول الزرقاء على اقتراب تعاقد نادي أوروبي مع مدرب الهلال السابق رازفان لوشيسكو، بأنه نادم على رحيله، وعندما تفتش تجد “العاطفة” والمصالح قادته إلى ذلك وعلاقته بالمدرب الذي اتفق حتى خصوم الهلال مع مناصريه على ضرورة إقالته..
هؤلاء ممن يدسون سم المصالح في عسل العقل أضروا بالوسط الرياضي، فصاحب رازفان وغيره من الصحافيين ممن يتبع النهج ذاته، يقدمون مصالحهم الشخصية على صالح الوسط الرياضي العام، ويخرجون في هيئة المنصفين وهم أبعد ما يكون عن ذلك، فلا تغرّكم الكلمات “الموزونة” في طرحهم..
لمثل هؤلاء نقول: سيكتب التاريخ بأنكم “مخادعون”، وأول من سيحاسبكم ضميركم، ولكن المصيبة أن نومه “ثقيل”.. لذا يبقى الرهان على العقلاء من المتابعين ليعرفوا حقيقة هؤلاء.