2021-03-27 | 23:28 مقالات

العضو الداعم

مشاركة الخبر      

عرفت الرياضة السعودية على مدى سنوات طويلة ما كان يسمى بـ “الدعم الشرفي” الذي يقدمه وجهاء المجتمع ورجال الأعمال لأنديتهم المفضلة، حتى بلغ الأمر الإعلان عن تبرع هؤلاء بمبالغ ضخمة يصعب على المرء تصديق أن مصدرها حساب شخصي، واستمرت هذه الظاهرة حتى تكشفت التفاصيل لاحقًا، وعرف أنصار الأندية أن العضو الداعم لا يمكنه تقديم هذه المبالغ من حسابه الخاص.
وكثيرًا ما تابع الوسط الرياضي أخبارًا تتحدث عن تبرع منصور البلوي مثلًا بأكثر من 400 مليون ريال دعمًا لناديه المفضل، وسط تصديق ملايين الناس أن العشق وصل بالرجل إلى درجة جعلته يضحي بماله من أجل دعم فريقه، بينما الحقيقة أنه لا يوجد شخص عاقل يترك أوجه الصرف التي توازي قناعاته والتزاماته الاجتماعية ويتجه إلى تبذير ثروته تطوعًا على كرة القدم وشراء عقود اللاعبين بمئات الملايين، إلا إن كانت هذه الأموال ليست له ولا يملك سلطة عليها.
اللافت في الأمر أن بعض البسطاء ما زال يعتقد بوجود العضو الداعم الذي يمكنه التدخل في أي وقت لإرسال حقائب الدولارات إلى خزانه النادي، خاصة حين يتطلب الأمر دفع ملايين الريالات بصفة مستمرة، بينما الحقيقة أن مصادر التمويل أصبحت واضحة ولا يمكن تسديد الالتزامات المالية إلا من خلالها، باستثناء الاستفادة من مكرمة تقدمها الدولة لتسوية الديون كما حدث سابقًا.
يتطلب الانتقال من مرحلة الدعم المالي غير المحدود بسلبياته الكثيرة، إلى الدعم المقنن تغييرًا جذريًا في طريقة إدارة الأندية والتعامل مع العقود المبرمة وفقًا للموازنة المتاحة وبعيدًا عن الحلول الآجلة التي تتحمل تبعاتها الإدارات اللاحقة، إذ يمكن للأندية أن تعتمد في حسم الصفقات على أدوات موازية للمغريات المالية على نحو العلاقات والإقناع والمزايا التعاقدية، وعدم الاعتماد على رفع مبلغ التعاقد للفوز بصفقة لاعب أو مدرب، وهذا ما يجعل الاستعانة بفريق إداري مؤهل الوسيلة الأمثل لتسيير النادي بتكاليف مالية أقل.
لن تكون السعودية الوجهة المفضلة للسماسرة لفترة من الزمن، لأن هؤلاء يبحثون دائمًا عن المزادات لأخذ نصيبهم من الصفقات دون الاهتمام بحصول الطرف المتعاقد على مستحقاته، ولكن بمرور الزمن سيكتشف اللاعب أو المدرب أنه سيأتي إلى أندية تدفع مبالغ أقل لكنها تضمن حصوله على مستحقاته كاملة دون تأخير، وهذا أمر يجعل الدوري السعودي أكثر جذبًا، لأن التعامل مع منظومة تحكمها القوانين يضمن الالتزام وحصول المتعاقد على حقوقه دون تأخير.