«شعبنة» الأغبياء و«عيدية» نتفليكس
في منتصف السبعينيات الميلادية قدم الممثل العبقري محمد صبحي مسرحية “انتهى الدرس يا غبي”، وبعيدًا عن ما كتب الراحل لينين الرملي إلا أن اسم المسرحية تحوّل إلى لزمة لمن لا يستوعب الدروس بشكل سريع، وما أكثرهم في زمننا الراهن، على الرغم من وجود عناصر مساعدة ذكية تحفز التفكير..
مضى أكثر من عام على وصول جائحة كورونا إلى بلادنا السعودية، إلا أن البعض لم يفهم الدرس جيدًا، ولن أسميه بالغبيّ لكنه أبعد من ذلك، ففي المسرحية استوعب “سطوحي” الذي يجسده محمد صبحي الدرس وعاد بعد عام كامل إنسانًا ذكيًا ومتجددًا، لكن في واقعنا درس كورونا لم يستفد منه الكثير، رغم أنهم يعيشونه كل يوم أكثر من سنة فلا يزال الغباء متأصلًا..
في الأيام الأخيرة التي تسبق شهر رمضان الكريم نشطت التجمعات بشكل كبير من دون الأخذ بالإجراءات الاحترازية، ولا يحتاج الأمر إلى التجسس لمعرفة الأحداث حولنا، فيكفي مشاهدة القصص في حسابات “السناب شات” ليتبين حجم الإقبال الكبير على التجمعات، غير مبالين بارتفاع حالات الإصابات بـ “الوباء”.. رافعين شعار “الغباء”..
فتاة تحتفل بـ “التخرج” من الجامعة وتجمع العشرات من صديقاتها في استراحة، وآخر ما يفكرن فيه ارتداء الكمامة، وهي لا تدرك أنها بهذا التصرف “الغبيّ” قد تكون هناك حفلة أخرى حزينة قد “تُخرج” أحبابها من منازلهم إلى المستشفيات وقد يكون أبعد من ذلك..
شباب يحتفلون معتادين على إقامة حفلات في هذا التوقيت من كل عام، وكما يسمونها “الشعبنة” التي ترمز إلى الاحتفال بالأغاني والرقص كونهم سيودعونها في رمضان، وهم لا يدركون بأن تصرفهم “الغبيّ” قد يودع أحبابهم الدنيا بسبب نقل العدوى..
تلك المظاهر وغيرها، ما هي إلا دلالة على غباء المتهورين وأنهم لم يستوعبوا الدرس جيدًا، وأكاد أجزم بأن الغالبية منهم مرت عليهم قصص مآسي حرب كورونا والضحايا التي خلّفت وراءها وحبسها الأسرى في المستشفيات..
قيادتنا الرشيدة لم تبخل علينا بتوفير كافة التدابير الوقائية والتجهيزات وتسخير الإمكانات لتجنيبنا خطر الإصابة، وجعلت صحة الإنسان أولًا منذ بداية الأزمة الصحية العالمية إلا أن البعض لا يزال متهاونًا..
استوقفتني تغريدة معالي المستشار تركي آل الشيخ معلقًا على ارتفاع حالات الإصابة: “القرار بيدكم.. تبونا ننبسط في العيد ولا الوضع نتفليكس هذا يعتمد على جديتكم والمسارعة بأخذ اللقاح والحرص في التجمعات”.. التغريدة تختصر مسافات بعيدة وتشخص الواقع..
ختامًا، علينا أن نكون جميعًا خط الأمان الوقائي الأول في وجه هؤلاء المتهاونين “الأغبياء” ونبلّغ على كل من يخالف الأنظمة والقوانين.