جانب مظلم
في سينما
«الذكاء الصناعي»
كثير ما تسعى الأفلام والمسلسلات التي تُصنف بالخيال العلمي إلى طرح أفكار تخص الذكاء الصناعي والمستقبل، وأغلبها تنص على أن “الآلة ستصنع بدرجة عالية من الإتقان إلى أن تصل بنفسها إلى مرحلة النقد والتفكير”.. وعليها تشاهد الآلة هذا الإنسان بكل عيوبه وأخطائه. تلك الأخطاء التي تجعل من الإنسان “إنسانًا” لن تراها الآلة كأمر شاعري وجزءًا لا يتجزأ من خلقة البشر. بل ستكون الجماعات، والسياسات والأحقاد وغيرها نقاطًا سوداء يجب التخلص منها للوصول إلى النظام والمدينة الفاضلة.
هذا هو أول الجوانب والذي اعتدنا عليه، ولكن السينما يجب أن تكون غير تقليدية.. وهي بالفعل كذلك في بعض الأفلام.
حينما نعرّف الحب بشكل مختصر لدى الإنسان، فهو ذلك الشعور الذي يتصف برغبة الطرف الآخر بالرعاية والتضحية والاهتمام. لذلك في حين توفر هذا الأمر وبشكل مستمر سيكون اعتياديًّا، وفي غياب الاعتياد يتولد الاشتياق، وبوجود الاشتياق نصل للحب.
هذا الحب سنصل له في النهاية، سواء كان الطرف الآخر إنسانًا أو ذكاءً صناعيًّا خلف شاشة.. وهذا جانب آخر مظلم ومختلف بل وغير تقليدي عن سينما الآلات التي تتفوق على البشر.. وهو أيضًا جانب قوي في مجتمعات المراسلات والتعارف خلف الشاشات.
في فيلم “هي” الصادر في عام 2013 لم يكن “ثيدور تومبلي” شخصًا متدني الذكاء مثلاً، بل كان مجرد إنسان يعيش حياة وحيدة وصامتة، وذلك بعد أن انفصل عن محبوبته السابقة.. بعد ذلك وجد من يهتم ويسأل ويواسي، وكان هذا كله في ذكاء صناعي يحمل اسم “سمانثا”.
استطاع المخرج سبايك جونز في هذا الفيلم أن يطلق كل ما في داخل الممثل المبدع تمثيليًا خواكين فينيكس، وأن يجعل من ذات الصوت الدافئ سكارليت جوهانسون أن تعطي أفضل ما لديها صوتيًا كذلك، وعليها تم تجسيد فكرة مرعبة تشرح معايير الحب وما هو أساس جذورها لدى الإنسان.
كذلك لم نلبث طويلًا في التساؤلات عن هذا الفيلم الرائع حتى صدر الفيلم الآخر “إكس ماكينا” في عام 2014 والذي هو الآخر طرح فلسفة السؤال عن الحب لدى الإنسان وما يحتاجه للوصول إليه، بطريقة مختلفة وبذات الهدف.
فيلم إكس ماكينا تحدث في قصته عن وقوع المبرمج الشاب “كالب سميث” صاحب الـ24 سنة والمحمل بالجوائز العالمية في فخ تجربة علمية لصنع إنسانة آلية تدعى “إيفا”.
كلا الفيلمين طرحا جانباً مظلماً في الذكاء الصناعي ولكن مختلف عن المألوف، وكلا الفيلمين طرحا فلسفة الأسباب المؤدية للوقوع في الحب بطريقة جريئة تدعو للتفكر والنقاش. وكلا الفيلمين أخيرًا.. يستحقان متابعة متذوق السينما.