2021-05-29 | 22:47 مقالات

رسالة «واتساب»

مشاركة الخبر      

أصبحت الرسائل الواردة عبر تطبيق “واتساب” تحدد اتجاهات كثير من الناس وطريقة تعاملهم مع قضايا مصيرية تتعلق بالصحة والحياة والموت، وتجاوز الأمر مرحلة التأثر بالفكرة إلى تبنيها وتطبيقها من خلال السلوك اليومي، وأظهرت جائحة كورونا أن هناك من يعتقد بصدقية محتوى رسائل واتساب، لدرجة جعلت الحصول على اللقاح أكثر القضايا إثارة للجدل، في مجتمع لا تتجاوز نسبة الأمية فيه 5 بالمئة.!
محتوى واتساب قاد أكثر الناس إلى رفض لقاح فيروس كورونا في البداية، ومع تراجع نسبة الرفض، إلا أنها ما زالت كبيرة، خاصة في أوساط كبار السن الذين شاهدوا عشرات المقاطع التي تحذر من فناء العالم وتحول الناس إلى قرود أو أبراج إرسال لشبكات الاتصالات، وغيرها من الخرافات التي روجها أصحاب نظرية المؤامرة بطريقة استخدموا فيها الآيات والأحاديث، وبعضهم أقسم بالله أنها مؤامرة تستهدف الشعوب العربية التي يحاربها العالم بحسب رأيه.
وعلى الرغم من بث لقطات لزعماء وأثرياء ومشاهير يتلقون اللقاح، إلا أن رسائل واتساب طورت من أدواتها لترويج معلومات عن آثار الجرعة على جسم الإنسان، ويكفي أن يتم نشر معلومة تتضمن أمراً يخص الإخصاب أو القدرة الجنسية وتأثير اللقاح على التكاثر، حتى يجدد الملايين في العالم العربي رفضهم لهذا العقار حتى لو كان الثمن الموت بالفيروس اللعين.
رسائل واتساب تسببت في وفاة كثير من الناس الذين كانوا يتعاملون بجدية قبل نحو عام مع مقاطع الفيديو وهرطقات وسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عن تسبب الفيروس في أضرار صحية بالغة لأناس رفضوا اللقاح قبل أن يواجهوا الحقيقة ولحظات كورونا الفتاكة، ما يجعل التصدي لمحتوى رسائل واتساب، يوازي أهمية حملات التطعيم التي يتسابق سكان الكرة الأرضية نحوها، بينما يركض المواطن العربي هرباً من السقوط ضحية لمؤامرة غربية تمهد لعودة الاستعمار والاستيلاء على أسرار التكنولوجيا المتطورة التي يمتلكها أبناء الضاد.!
في سالف الأيام كان إقناع الناس بأهمية اللقاح ضد شلل الأطفال، أمراً لا يخلو من الصعوبة، قبل أن يقتنع هؤلاء بأهميته ولكن بعدما دفع ملايين الأطفال الثمن غالياً، ومع انتشار رسائل الدجل ومعلوماتها المضللة، أصبحت مهمة التوعية بأهمية اللقاح مسؤولية اجتماعية توازي مكافحة المخدرات والتدخين والحد من الحوادث المرورية، خاصة أن للرسائل التي يتم تداولها تأثيراً كبيراً، ما زال يقود البعض إلى التمسك بموقفه الرافض للقاح، استناداً على أدلة مرجعها رسائل واتساب وقدرة بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي على إقناع البسطاء بسهولة.