وفاة السينما.. وهم أم واقع؟
منذ قديم الزمان بدأ الإنسان في تعلم الفنون وتطبيقها.. وإذا ما بدأنا بالحديث عن الفنون السبعة من باب الوقفة على التاريخ فنقول، بدأ الإنسان أولًا “فن العمارة” لأسباب ضرورية فالعمارة للسكن، أما الثاني فكمالي وتجميلي “فن النحت” حيث يزين الإنسان تلك العمارة التي بناها. أما الثالث فكان “الفن البصري” كالرسم والطلاء وغيرها.
وإذا ما أتينا للثالث فنجد الفنون قد اتجهت للكماليات وتزيين الحياة أكثر من الضروريات.. “فن الموسيقى” ذلك الفن الذي يخرج صوتًا جميلًا أشبه بتغريد العصافير، صوت مغاير عن البرق والأعاصير أو بكاء الطفل في السرير. منه أستطيع أن أتخيل رجلًا قديمًا يستمع للموسيقى فوقع في قلبه حب فكتب شعرًا وألّف رواية. ومنها ظهر الخامس “فن المؤلفات”، تلا ذلك شعور الإنسان بتطبيق كل ما يقرأ على الكتب والروايات والشعر فكان السادس “فن المسرح”، حيث يخرج وينشد ليجسّد قصة حبه لامرأة أو ولاءه لحاكم.
استمرت الفنون ستة حتى وصلنا إلى عام 1895، في ذلك العام ظهر الإخوة “لوميير” اللذان وضعا حجر الأساس عندما صنعا أول آلة عرض سينمائي، وعرضا فيها عشرة أفلام قصيرة في باريس، ومنها بدأ السابع “فن السينما”.
في ذلك الوقت الجميع كان معتادًا على أن يذهب للمسرح لمتابعة مقطوعة فنية، وبسبب المسرح اعتاد الناس الذهاب جسديًا لتلقي الفنون، ولذلك السبب إلى هذا اليوم دور عرض السينما تعتبر مصدرًا مربحًا جدًا لشركات الإنتاج ومن بعدهم التجار. ولكن ذلك برأيي على وشك أن يتغير خلال الأعوام العشرة القادمة.
اليوم نحن في عصر السرعة، عصر المنصات الرقمية، حيث يصلك كمشاهد كل شيء في تلفازك وبأعلى جودة وبدون أي مجهود جسدي منك.. ظهرت منصات كثيرة مثل نتفليكس، وأمازون برايم، وإتش بي أو ماكس، وديزني بلس وغيرها.. هذه المنصات تتسابق لعرض كل ما هو مثير وجاذب للمشاهد في منصاتها، ولكن رغم ذلك لا تزال السينما قائمة.. ولكن كعب أخيل هو القرار الذي اتخذته هذه المنصات مؤخرًا، حيث بدأت بعرض أفلامها على المنصات في نفس الوقت تمامًا الذي تعرض فيه بالسينما. إذًا فالأمر الأساسي الذي يجعل الناس تذهب لدور العرض “الحصرية” على وشك أن ينتهي.. بذلك الأغلب سيفضل متابعة الأفلام في منزله، وهنا تدريجيًا سيلحق الفن السابع بالسادس ويصبح مرتادي دور السينما هم عشاق الطقوس الكلاسيكية.