السعي للغفران الدنيوي.. مسلسل «تايم»
السطحية الطاغية في الكثير من قصص الأفلام والمسلسلات تجسد القاتل على طريقة شريرة، وهذا بالغالب صحيح ولكنه بات مكررًا كثيرًا في الأعمال، وبالتالي فالتكرار يزيد من احتمالية الوقوع في السطحية التي تلغي عملًا قد يكون جيدًا، ولكن بسبب تكرار فكرته لم يكن ذا بصمة راسخة لدى الناس. لذلك أقول وبرأيي إن من يبحث عن التميز يجب أن يبحث عن تجسيد القصص النادرة، تلك التي لم نشاهدها كثيرًا في حياتنا فهي تساهم كثيرًا في رفع معايير التقييم لدى الناس.
في البداية حينما يقول الشخص في الثقافة الأمريكية وكذلك البريطانية لفظ “I’m Doing Time” فهو يعني هنا أنه يقضي محكومية في السجن وليس وقتًا بالمعنى الحرفي، ومن هنا يأتي عنوان هذا المسلسل القصير، والمكون من موسم واحد بثلاث حلقات ونهاية قصة.
“تايم” هو مسلسل بريطاني تمت كتابته من قبل جيمي ماكجفرن، وقام بإخراجه لويس أرنولد، ويأتي ببطولة كل من الممثلين المميزين شون بين وستيفن جراهام. الممثلان كانت لهما بصمات عظيمة في الأعمال التلفزيونية، فعلى سبيل المثال تميز ستيفن جراهام بدوره في مسلسل “ممر الإمبراطورية” وتميز كذلك شون بين في أداء رائع في الموسم الأول من مسلسل “صراع العروش”. وبالتالي تواجدهما في مسلسل واحد يعتبر هدية لمحبي المسلسلين السابقين معًا.
اجتمع الاثنان لأداء قصة غاية في الروعة مفادها “الخلاص والغفران الدنيوي”. القصة تبدأ مع شون بين وهو يؤدي دور رجل في الخمسينيات من عمره.. رجل محترم له مكانته في المجتمع وسمعته الطيبة.. رجل يعمل في سلك التعليم لأجيال وأجيال. هذا الرجل يرتكب غلطة تكلفه كل ما سبق من سمعة ومهنة بل وحتى حياة. الغلطة التي تجعله يذهب إلى السجن لقضاء محكوميته. وحينها هناك يلتقي بالممثل ستيفن جراهام الذي يعمل كحارس في السجن.
العمل له خطان للقصة، واحد للسجين والآخر للحارس. وكلاهما يجعل المشاهد مستمتعًا بالقصة تارة وحزينًا لمجرياتها تارة أخرى.
شخصيًا وجدت أن نضال الممثل شون بدور شخصية مرتكبة غلطة العمر كانت في غاية الروعة، والممثل له سوابق في إتقان الأدوار الدرامية عمومًا. بل إن إتقانه جعلني أتساءل عن حال أي شخص قد يقع في ذات الموقف، فيكون تائهًا بين خطر السجون وبين كوابيس المنام التي تلاحقه طيلة العمر لأجل ما ارتكبه.
العمل درامي رائع في كل الثلاث حلقات، وغزير بالتفاصيل التي تجعله يتميز عن الفيلم العادي حينما يقفز بعض التفاصيل المهمة، ومميز كذلك عن المسلسلات ذات الحلقات الطويلة والمليئة بالملل لأجل “التمطيط”. عمل جعل من المشاهد يصل إلى استنتاج يجعلنا نأسى لحال من هم خلف القضبان ونفرق فيما بين محكومية وأخرى.. وهو عمل بكل تأكيد يستحق المشاهدة.