كتيبة 84
وكنز التلفزيون
المواد الخام لم يكن سيستفاد منها لو لم تصلها أيادي “العابثين” فتحوّلت إلى نافعة، وهم أُطلق عليهم فيما بعد علماء نتاج تخطيهم حواجز التقليدية، فالخارجون عن النمطية يقودون البشرية إلى الجديد وإلا لبقينا “مكانك سر”.
الإنسان القديم نفسه في زماننا الراهن مع اختلاف المواد الخام فلا نزال نشهد نقلات في كافة المجالات.
الإعلام أحد تلك الحقول المصدرة للمواد الخام وقد تستمر “هامدة” في حال مر عليها الإعلاميون “الكسالى” ولكن عندما تمتد لها أيادي المبدعيّن يحوّلونها إلى مشعة بالاحترافية والمهنية..
في مقر وزارة الإعلام، كنز من المواد الخام محفوظ بطرق مختلفة تناسب كل زمن مر عليها، تضم إرثًا كبيرًا منذ انطلاقة التلفزيون في الستينيات الميلادية، ولكنها ظلت في حكم “الخام” فلم تصلها أيدي المبدعين إلا على استحياء، مغارة مليئة بالمواد يرى موادها المبدعون ذهبًا لكن الكسالى يشاهدونها خردة، الدكتور ماجد القصبي وزير الإعلام المكلف، عرف وسيلة مثلى لاستثمار الكنز مستثمرًا بقاء السكان في منازلهم في أزمة كورونا فأطلق قناة ذكريات التي تعتمد كليًا على الأرشيف، فتحولت المواد الخام إلى الشاشة فحققت نسب مشاهدة عالية.
تلك التجربة فتحت بابًا أمام بقية القائمين على القنوات السعودية، منها القناة الرياضية التي كانت تحتاج إلى أشخاص يتحركون من ماكتبهم إلى المكتبة ويفتشون في أدراجها بدلًا من عرض مباراة قديمة كاملة لسد الفراغ فقط. سعدت كثيرًا بالفيلم الوثائقي الذي قدمه العزيز بدر الفرهود وكتبه الكاتب الخبير سعد المهدي، بعنوان “كتيبة 84” فلقد استمتعت بمشاهدة 100 دقيقة “جوّدة” مرت سريعة من خلال عرض منجز التأهل إلى أولمبياد لوس أنجليس 1984، فلقد امتدت يد المبديعن إلى الكنز فخرجوا لنا بعمل يحمل قيمة وقامة.
قوة القناة الرياضية تكمن في مثل هذا النوع من الأعمال، فدائمًا ما تكون الحلقة الأضعف عند دخولها في مقارعة مع المحطات الأخرى في البرامج أو النقل.
نجاح فيلم “كتيبة 84” يجب أن يتكرر في بقية القنوات السعودية من خلال ربط الماضي بالحاضر، وأدرك بأن هيئة الإذاعة والتلفزيون عملت على الأرشفة الرقمية لتسهّل من البحث عن المواد ولكن يتبقى الدور على مدراء القنوات والبرامج في تقديم موادا خاصة تحمل نكهة الماضي وقوة الحاضر.